نحو تطبيق فاعل لقوانين أسواق المال في الواقع العملي
د. ايهاب عمرو
28-04-2018 07:57 PM
لا شك أن أسواق المال في العالم بشكل عام، وفي العالم العربي بشكل خاص، تمثل إنعكاساً لقطاعات إقتصادية وتجارية ومالية هامة على مستوى الإقليم وعلى مستوى العالم ما يبرز الحاجة إلى حماية المتعاملين داخل السوق، خصوصاً صغار المستثمرين منهم، من أية ممارسات غير قانونية من شأنها أن تضر بمصالحهم كالتداول من الداخل، والغش والخداع والإحتيال، والتلاعب في السوق المالية، والتقصير من قبل بعض سماسرة السوق المالية الذين يقومون في بعض الحالات بتزويد المستثمرين بمعلومات مضللة، أو لا يقومون في حالات أخرى بتزويد المستثمرين بمعلومات وافية حول السوق والشركات العاملة فيه وأوجه الأستثمار الفضلى، والذين قد يكون همهم الأوحد في كلتا الحالتين تحقيق الربح حتى على حساب الإضرار بالمستثمرين الآخرين والإضرار بسمعة السوق المالي كذلك ما قد يؤثر على الإقتصاد الوطني لاحقاً والإقتصاد العالمي برمته.
وكل ما سبق من أسباب وجيهة يبرز الحاجة إلى قوانين أسواق المال في الواقع العملي، خصوصاً في العالم العربي، والحاجة إلى تطبيقها عملياً ما يضمن حماية المتداولين "المتعاملين" داخل السوق سواء كانوا من المواطنين أو من المستثمرين الأجانب. ويكون ذلك من خلال أدوات تشريعية متنوعة كتشريعات عادية (قوانين) خاصة بتنظيم سوق المال أو تشريعات ثانوية كاللوائح التنفيذية التي تقوم بتفصيل كافة الجزئيات والتفصيلات ذات العلاقة بالقانون الموضوعي، ونقصد هنا قانون سوق المال. إضافة إلى قوانين أخرى ذات علاقة كقانون الشركات التجارية. ومن ذلك مثلاً قانون سوق المال العماني لعام 1998 المعدل في العام 2002 واللائحة التنفيذية الصادرة عن هيئة سوق المال لعام 2009، ناهيك عن لائحة تنظيم المقاصة والتسوية التي تم إعتمادها بعد تحويل مهام المقاصة والتسوية من سوق مسقط للأوراق المالية إلى شركة مسقط للمقاصة والإيداع. إضافة إلى قانون الشركات التجارية العماني لعام 1974.
ومعلوم بالضرورة أن الشركات التي يمكنها طرح أسهمها للإكتتاب العام من قبل الجمهور إنما هي الشركات المساهمة العامة التي يجب عليها أن تلتزم بالأسس والمعايير والواجبات المنصوص عليها قانوناً وأهمها قيام الشركة التي ترغب بطرح أسهمها للإكتتاب العام بإصدار نشرة إصدار خاصة بالإكتتاب وفق المتطلبات القانونية لسوق مسقط للأوراق المالية قبل نشر الإعلان الخاص بالإكتتاب في الصحف اليومية ولمرتين متتاليين، شريطة أن يتضمن إعلان الإكتتاب كافة المعلومات ذات العلاقة مثل إسم الشركة ومركز عملها الرئيسي وغاياتها ومدتها، وتاريخ القرار المرخص بتأسيس الشركة، ورأس مال الشركة وعدد الأسهم وقيمتها الإسمية، وأسماء الشركاء المؤسسين وجنسياتهم وعنوان وجنسية كل منهم وعدد الأسهم المكتتب بها من قبلهم كون أن المؤسسين وفقاً لغالبية القوانين ذات العلاقة يتعين عليهم ان يكتتبوا بنسب معينة من رأس مال الشركة قبل طرح الباقي للإكتتاب العام منها القانون الأردني والقانون العماني الذي ينص على ضرورة قيام الشركاء المؤسسين بالإكتتاب بما لا يقل عن 30% وبما لا يتجاوز 60% من العدد الإجمالي للأسهم المطروحة للإكتتاب. ويجب أن يتضمن إعلان الإكتتاب أيضاً عدد الأسهم المطروحة للإكتتاب وقيمتها الإسمية وكيفية تسديدها ومصاريف الإصدار، والمصارف التي يجرها الإكتتاب بها.
ومن نافلة القول، تفرض التشريعات الصادرة عن الإتحاد الأوروبي شروطاً صارمة على وسطاء "سماسرة" السوق المالي حماية للمستثمرين، ومن ذلك التوجيه الصادر عن البرلمان الأوروبي ومجلس أوروبا في العام 2004 ويعنى بتنظيم الخدمات الإستثمارية والمالية داخل دول الإتحاد حماية للمستثمرين، خصوصاً صغار المستثمرين منهم، سواء كانوا أفراداً أم شركات، فيما يتعلق بالخدمات الإستثمارية والمالية المقدمة من قبلهم لهؤلاء المستثمرين، ما يشمل خدمات السوق المالي.