هل يحتمل الاردن موجات جديدة من اللجوء؟
فهد الخيطان
27-12-2006 02:00 AM
في اجواء الفوضى التي تسود الاقليم يخشى الاردن من وقوع الأسوأ, حروب داخلية في العراق وفلسطين ولبنان. واخطر ما يتحسب له الاردن موجات جديدة من اللجوء وتحديدا من العراق وفلسطين. في جميع الحروب الاقليمية »الكلاسيكية« في المنطقتين المذكورتين شهدنا موجات من اللجوء, يكفي الاشارة هنا الى امثلة ثلاثة: في المرحلة ما بعد »الانتفاضتين« استقر في الاردن نحو 300 الف من سكان الضفة الغربية, بعد احتلال الكويت لجأ اكثر من 400 الف الى الاردن, وبعد الاحتلال الامريكي للعراق هجر نحو مليون عراقي بلادهم باتجاه الاردن. ووفق تقدير المنظمة الاممية يدخل الاراضي الاردنية كل يوم حوالي الف عراقي, وعلى الحدود بين البلدين يعيش المئات من اللاجئين على امل العبور غرباحكومة المالكي المنشغلة في حرب المليشيات تضغط على الاردن لتسهيل دخول المزيد من العراقيين الى الاردن وكان هذا الموضوع هو البند الاهم على اجندة زيارة وزير الداخلية العراقي الى عمان قبل يومين, ومن المستغرب فعلا ان تجد حكومة في العالم تسعى لتسهيل هجرة شعبها على النحو الذي تفعله حكومة المالكي في العراق.
في فلسطين الامر يختلف فالشعب الفلسطيني هناك يسجل صمودا اسطوريا على ارضه رغم المعاناة لكن الناس في الضفة الغربية لم يعد بمقدورهم احتمال ضغط الاحتلال الاسرائيلي الممنهج وحالة الفوضى الداخلية التي تتصاعد كل يوم على شكل مواجهات مسلحة تنذر بامكانية وقوع اقتتال اهلي بين انصار حماس وفتح.
ولن يكون الاردن بمنأى عن تداعيات اي صِدام لبناني داخلي فقد شهدنا ابان العدوان الاسرائيلي الاخير على لبنان نزوح حوالي 40 الف لبناني الى الاردن ولو طالت الحرب لاستقر معظم هؤلاء في لبنان. الآن اذا ما فشلت الجهود المبذولة لاحتواء الموقف بين الفرقاء في لبنان فان الأسوأ سيقع وسنشهد هجرة لبنانية جديدة وستكون الاردن احدى محطاتها.
الحرب الطائفية بالمعنى الشامل لم تقع في العراق بعد وان كنا نقترب منها بسرعة وحينها سيكون الضحايا بالآلاف يوميا ولن يحتمل الكثيرون البقاء وسط هذه المأساة. في فلسطين الوضع خطير ايضا وقد يتطور الى مواجهة اوسع تدفع بالفلسطينيين المحاصرين غربا بالجدار العازل الى التوجه شرقا حيث عمقهم الاجتماعي التاريخي.
هل يحتمل الاردن مئات الآلاف من اللاجئين? وهل هو قادر على ضبط حدوده ومقاومة الضغوط الدولية اذا ما قرر اغلاق منافذه الحدودية?.
ليس امام الاردن خيارات كثيرة, ومن غير المنطقي التفكير سوى بخيار واحد فقط هو اغلاق المنافذ الحدودية ونشر كل ما لديه من قوة عسكرية وامنية على الحدود شرقا وغربا لمنع دخول اللاجئين.
هذا الخيار على ما فيه من قسوة و»لا انسانية« من وجهة نظر منظمات حقوق الانسان يبقى هو الخيار الوطني الاقل ضررا على مصالحنا العليا.
لأن السماح بدخول آلاف العراقيين مثلا من كل الاتجاهات السياسية والطوائف يعني نقل الاقتتال الى الاردن وانتشار الفوضى خارج العراق. وفي حالة فلسطين الموافقة على هجرة جديدة يكرس المشروع الاسرائيلي واقعا على الارض.
بمعنى آخر القبول بالخيار الانساني يعني التضحية بالمصالح الوطنية الاردنية على نحو يهدد مستقبل الكيان الاردني بشكل جدي. ناهيك عن التحديات الاقتصادية المترتبة على زيارة سكانية مفاجئة في بلد يعاني من شح الموارد كالمياه والطاقة.
يستطيع الاردن المساعدة في تأمين ظروف ملائمة للنازحين داخل المناطق الحدودية للاطراف الاخرى وتقديم ما يلزم من الخدمات اللوجستية لكنه في كل الاحوال لا ينبغي ان يسمح بعبور لاجىء واحد.