الحرب بين القيصر "المغرور" والعجوز "الخرف"
رجا طلب
27-04-2018 09:08 PM
يعتبر قرار روسيا المفاجئ بنقل منظومة الصواريخ الإستراتيجية s- 300 إلى الجيش السوري لنشرها على الأرض السورية رسالة روسية عنيفة للغاية للولايات المتحدة، بالإضافة إلى إسرائيل ومفادها أن الأجواء السورية باتت "خطاً أحمر"، وهذه المنظومة الصاروخية هي رد عملي ومباشر على الهجوم الثلاثي الذي تعرضت له سوريا في بداية هذا الشهر، والسؤال ماذا يعني هذا القرار الروسي وما هي أبعاده ؟
القرار يعني أن روسيا لا تقبل أبداً بأن تخرج سوريا من دائرة نفوذها وتحديداً العسكري والأمني، وأن موسكو جادة جداً في الدفاع عن مصالحها في سوريا، حتى وإن وصلت الأمور إلى درجة الصدام المباشر مع واشنطن، والأمر الآخر أن روسيا ومنذ اللحظة التي ستنشر فيها هذه المنظومة فوق الأراضي السورية فإنها ستشكل تهديداً مرعباً للطيران الإسرائيلي الذي تشير المعلومات الاستخبارية الإسرائيلية أنه يشن هجمات يومية على أهداف سورية منتقاة، وهو الأمر الذي سيجبر الاستخبارات الإسرائيلية على استبدال الهجمات الجوية المريحة لها إلى هجمات ذات طابع استخباري والعمل الميداني فوق الأرض السورية مثل الاغتيالات وزرع عبوات ناسفة وغيرها من الأعمال التي تحمل في طياتها مخاطر جمة عملياتية وسياسية .
كان الاعتقاد أنه مع نهاية العام الماضي وبداية هذا العام ستضع الحرب في سوريا أوزارها وتحديداً بعد الهزائم المتكررة والضربات القاصمة التي تعرض لها تنظيم داعش الإرهابي والتنظيمات الإرهابية الأخرى، إلا أن التدخل الأمريكي بالصورة التي حصلت قبل أسابيع أعاد إنتاج معادلة الصراع داخل سوريا ولكن هذه المرة على أرضية إقليمية ودولية وليست أرضية محلية.
من غير الممكن التنبؤ بشكل الصراع الإقليمي – والدولي القادم في سوريا، غير أن الحقيقة الواضحة تتمثل في أن إيجاد نوع من التوافق الإقليمي والدولي يتطلب كسر هذا التوازن الحاصل حالياً من خلال إلحاق هزيمة نوعية لأحد أطراف معادلة التوازن، وهذا الأمر لا يمكن حدوثه في ليلة وضحاها، فقد يتطلب حدوثه سنوات وليس شهوراً كما كان يعتقد البعض، وبالنتيجة فان الشرق الأوسط سيبقى على صفيح ساخن وربما يشهد حروباً صغيرة أو متوسطة الحجم في سوريا ولبنان وربما العراق أيضاً.
بعنوان آخر، فإن الإقليم مقبل على حرب استنزاف طويلة ومكلفة ولا رابح فيها، فمردود هذه الحرب على اقتصادات المنطقة المنهكة أصلاً ستكون مؤذية جداً وكارثية، كما أن انعكاسها على الحالة الديمغرافية في سوريا ولبنان والأردن والعراق وتركيا ستعمق من حالة المعاناة للجوء السوري في تلك البلدان وسيؤثر بصورة كبيرة على الوضع الاقتصادي في الأردن ولبنان بشكل خاص.
الحرب في سوريا أحيت أجواء الحرب الباردة التي انتهت بسقوط نظام غورباتشوف والاتحاد السوفيتي عام 1992، واليوم نحن نعيش حرباً باردة أساسها الطموح اللامحدود لـ"القيصر بوتين"، وقصر النظر والخرف السياسي للعجوز ترامب.
24: