إبان احتلال / دخول العراق للكويت في بداية تسعينيات القرن المنصرم، قام جيمس بيكر وزير خارجية الولايات المتحدة آنذاك بزيارة لموسكو في مهمة استطلاعية للموقف الروسي-السوفييتي.
الروس السوفييت حينها أشعروا بيكر أن بلادهم تمر بضائقة مالية خانقة، فلا بد من دعمهم ماليا حتى يتخلوا عن حليفهم العراق الذي احتل / دخل الكويت من دون استشارة الروس السوفييت مما أغضب جورباتشوف غضبا شديدا هبت نيرانه في وجه طارق عزيز حينما هرول إلى موسكو يسالها الدعم بكل أشكاله.
التقط بيكر الرسالة، فوعدهم بالخير، ووعد الحر دين عليه إلى يوم الساعة! هاتف بيكر نظيره السعودي آنذاك فيصل عبد العزيز، وأبلغه الرسالة؛ فطار فيصل حينها على جناح السرعة القصوى إلى موسكو، وقدم منحة بأربعة مليارات دولار!
على إثر ذلك، وجه وزير الخارجية الروسي السوفييتي آنذاك شيفاردنادزة كلاما قاسيا لمندوب العراق الدائم في الأمم المتحدة في جلسة لمجلس الأمن الدولي، وصوتت روسيا السوفييتية في وقتها إلى جانب إخراج العراق من الكويت بالقوة! فقط الصين امتنعت عن التصويت!
والآن، ما الذي يجعل روسيا البوتينية متعنتة في انحيازها لسوريا؟
بالتأكيد مصالحها، لكن لماذا لا تنفع مليارات قطر والسعودية الآن في تليين الموقف الروسي؟
قبل خمس سنوات نشر مقال بإحدى وسائل الاعلام الغربية عن قيام روسيا بحصد الذهب أينما كان، وفي أي زمان، وبأية وسيلة تمنحها الظروف لها، وبأية طريقة تسنح لها، والغاية تبرر الوسيلة، وغاية روسيا بتعليمات الآمر الناهي بوتين: القوة، والقوة هي الحق كما قال الفيلسوف الإغريقي ثراسيماخوس.
وفي ذلك الحين أيضا أي قبل خمس سنوات، نشر مقال آخر عن اختفاء سفينة محملة بالذهب كانت قريبة من الحدود الروسية، كيف اختفت؟ لا أحد يدري، و"اللي بدري بدري، واللي ما بدري بقول: كف عدس" وهل وجدوها؟ لست أدري،
أتدري أنت؟
روسيا الآن في وضع اقتصادي مريح نسبيا؛ فاحتياطي الذهب لديها يغنيها عن مليارات قطر والسعودية وكل الخليج العربي، وليس أدل على ذلك من التقرير الاقتصادي عن مركزها المالي فيما يتعلق برصيد الذهب والذي نشر في كانون الأول الماضي، حيث جاءت روسيا سادسة في احتياطي الذهب لديها بعد كل من الولايات المتحدة، فألمانيا، فإيطاليا، ففرنسا، فالصين على الترتيب.
لذلك تجد روسيا متعنتة في انحيازها "لمصالحها" في سوريا ليس "لسوريا" أحد اكبر مستوردي الأسلحة الروسية، وحاضنة قاعدة جوية روسية استراتيجية هي بمثابة موطئ قدم لها هنا في الشرق الأوسط، والبلد العربي الذي توجد فيه أعلى نسبة من الروس المتزوجين بنساء عربيات، وليس أي روس، إنما ضباط رفيعو المستوى تجرأ أحدهم على منع بشار الأسد من السير جنبا الى جنب مع بوتين في إحدى القواعد الجوية العسكرية في سوريا!