يدور نقاش هنا في دبي حول خيارات خفض التكاليف للمحافظة على وتيرة الطلب في مدينة يقوم اقتصادها على الخدمات.
ستحتاج دبي ومعها دول الخليج إلى خفض تكاليف الخدمات ومنح تسهيلات أكبر لتأسيس الشركات التي أصبحت مكلفة لتحافظ على وتيرة المنافسة مقارنة مع مدن مثل هونج كونج وتايلاند وكوالالمبور وعواصم أوروبية اختارت أن تكون في مصافها.
حتى في اكثر التوقعات مبالغة لم يكن في البال أن تسلك دول الخليج العربي طريق التقشف وفرض ضرائب قيمة مضافة مبيعات ورفع أسعار الوقود.
ضريبة القيمة المضافة رفعت تكاليف السلع والخدمات بنسبة 5% وهي نسبة تعد مقبولة في دول الرفاه لكنها تعد عثرة في حال تراجع النشاط الاقتصادي وهبطت معدلات الطلب لتتحول إلى عبء بدلا من أن تكون مصدرا إضافيا للعوائد.
ليس هذا فحسب.. ضريبة القيمة المضافة أو ضريبة المبيعات وهي متطلبات دولية يفترض أن يخفف من مستوى العجز المالي الناجم عن تراجع عائدات النفط فرض قيودا من نوع آخر على التدفقات النقدية لكنه ساهم إلى حد بعيد في كبح الطلب ليس فقط على السلع الاستهلاكية أو الخدمات بل على العقار وهو ما ترجم نفسه في عروض تنطوي على تنزيلات.
طبعا المتضرر من مثل هذه السياسات هم المقيمون فقد تكفلت حكومات هذه الدول بمواطنيها من خلال آليات تعويض مثل بدلات غلاء المعيشة.. وتستطيع أن تلمس الفوارق في الأسعار والكلف نتيجة لفرض هذه الضرائب حتى و ان كانت بنسب قليلة لكنها حتما ستخضع لمزيد من الارتفاعات في المستقبل.
التقشف في دول الخليج سيخلق سباقا من نوع آخر إذ لن تستطيع الشرائح من ذوي الدخول المتدنية الصمود وستكون الفئات المتوسطة تحت التهديد..
مع هذه الاجراءات لن تتمكن دول الخليج من بناء طبقة وسطى وهي اساس الطلب والنمو الاقتصادي وستتسع الفجوة بين شرائح العمالة الوافدة المتحركة وبين أرباب العمل ومنهم الاجانب اما المواطنون فستبقى الحكومات قادرة الى حد ما على الاستمرار في تعويضهم وهو شكل من أشكال الدعم لن يصمد طويلا في مواجهة تغير مصادر الثروة.
الرسالة الأهم من سياسات التقشف في دول الخليج هي مقدار تأثير ذلك على المساعدات الخارجية وعلى الاستثمار الخارجي الذي ستتأثر بالتالي أيضا ويبدأ في البحث عن أسواق أقل كلفة وأكثر تحقيقا للعوائد.
هناك إجراءات اقتصادية متوقعة ستتخذها دول الخليج ومنها مثلا تخفيض الكلفة وخفض ملموس للإنفاق لحساب الاستمرار في التوسع في البنية التحتية ومنها المشاريع العقارية ودبي أكبر مثال على ذلك لكنها ستحتاج إلى تحقيق التوازن بين العرض والطلب حتى لا تتكرر أزمة العقار مجددا.
الرأي