لماذا نحزن يا "عون" على بيع حصتنا في المطار ، من قال أن لنا به شيئا ، كل شيء في بلادنا للبيع ، مرة بإسم " الخصصة " ومرة بإسم " البحث عن شريك إستراتيجي " ، ومرات بإسم " اللصلصة " وإستثمارات الوهم ...
هذا الوطن يحملوه " الديجاتليون " و " الليبراليون" في حقيبة سمسونايت ، مشاريع للبيع ، بإسم الإستثمار والإستمطار ، كل شيء للبيع بعرف خريجي " هارفرد " و" كارنجي " ، وكل مشاريع البلاد هي قواشين وبورصة وأسهم قابلة للربح ، حتى الوجدان باعوه ، نعم باعوه حصص وموارس ..
يا عون ، هل سمعت بمبنى القيادة العامة في العبدلي ، باعوها وأقاموا لنا أبراجا ومكاتب ومطاعم وشققا ونوادي فارغة ، القيادة التي في غرفها أصدر حابس المجالي ومشهور حديثة أوامرهم لحماية البلاد ، وصوت الحسين وزيد بن شاكر ووصفي ما زال صداه يرّن في حيطانها ،،
اليوم تمر يا عون من جانبها ، هناك شوارع فارغة مرصوفة وجميلة ومولات بلا مواطنيين فقد أرهقهم الفقر فلا يستطيعون دفع أجرة الإصطفاف ، فإن مررت من هناك أغمض عينيك وأمسح دمعة على تاريخ وهوية ورجال ودم وبارود كانت تحت هذه الأبراج ومكاتب السكرتيرات .
يا عون لا تحزن على المطار ، فهذه البلاد ليست لنا ، لماذا تسافر فنحن لا نغادر الوطن ،وجواز السفر لإكمال وثائق معاملات الحكومة ، فقط نستقبل الضيوف وندفع مخالفات الإصطفاف للمندوب السامي ووكلاءه من الشركات الذين قاسمونا خبزنا ومائنا ، لا تلّوح لأحد يمر بالطائرة ، أغضض بصرك ، وسلّم على علم الوطن الذي يخفق على ساريات مدخله فهو الوحيد الذي ما زال يذكرنا أننا في بلادنا .
حتى الميناء مباع ، بحرنا اليتيم مباع ، ونفذت آخر نمرة ، فلا السماء لنا ولا البحر لنا ، المستثمرون يتكاثرون وأبشرك المديونية تتكاثر والوزراء يتكاثرون والفقر يزيد والبطالة تزيد ، والكذابون الذين يشبعوننا كذبا أمام شاشات التلفزيون يتزايدون ، وأن البلاد بخير ...!!
كل شيء يا عون في بلادنا للبيع ، والحكومة أصبحت كازية كبيرة لبيع البنزين ، حتى قلوبنا صارت معروضة للبيع ، فتعال يا بني ، لدي قلب على ثلاثة شوارع ، نظيف " ديلوكس " ، ما زال الدم نقيا ، لم يتعبه العشق وكذب الصبايا ، قلب ينبض للوطن كلما مر به ذكر شاعر أو شهيد ، أو دمعة أم جندي ..
تعال فقلبي ليس للبيع حتى لو أتعبنا الفقر ، وشحت الرجال ، وغاب صوت الحق ، قلبي سبيل مشرع للوجع الذي يسكن البلاد وينحاز لها ويتاجر بها عندما ينادون أن كل شيء للبيع ..!!