الآن ولشهرين مقبلين على الأقل لن يعود هناك داعٍ لمتابعة المواطنين أسعار اللحوم والدواجن وحتى الأرز ناهيك عن اللوز والصنوبر ، فهذا موسم الطبخ والنفخ وملء البطون وتغييب الذهون والضحك على الذقون وكل ما لا يخطر على البال من فنون.. شهران سنستمتع فيهما بعدم الشعور بالجوع وربما سيكون بإمكاننا الشعور بالتخمة تلك العادة المقصورة على الفئة الميسورة، فهناك الولائم والعزائم المتعددة والمتوالية والتي ستكون شعار المرحلة، بل سيكون عام 2007م هو عام المناسف والتشريب وخبز الشراك والجميد، إنه عام التخمة واللحمة واللخمة حيث تتزامن الانتخابات البلدية مع الانتخابات النيابية..
هكذا يمكن للحكومة والمحسنين أن ينالوا قسطاً من الراحة لينوب عنهم حشود المرشحين في مهمة تغذية المواطنين.. عادت المناسف وعادت الشعارات.. عادت الأكاذيب والمساومات.. عادت الألاعيب والمفارقات.. عاد الكوي والغسيل والشطف.. عادت البكمات والصيوانات..
هل نسيتم ذلك المرشح النيابي الذي قال بالحرف الواحد: " إن أرض أل67 عندي، أما أرض أل48 فأرجو أن لا تحرجوني فيها" وماذا عن شعار أحدهم " الصوت الذي ارتفع في زمن الصمت" وآخر وضع شعاراً " انتخبوني وإلا فقدتموني" وغيره قال: " أكلتم خيري وانتخبتم غيري".. عادت المناسف، ربما هذا ليس سيئاً بعد أن أصبح مجرّد مشاهدة اللحوم معجزة وأمنية يصعب تحقيقها لغالبية المواطنين.. سنسمع الكثير وسنشاهد الأعاجيب.. سيكذبون وسنكذب.. سنقول لكلّ واحدٍ ينتخي بنا: ابشر فأصواتنا وأصوات عائلاتنا وعشيرتنا وجيراننا لك، وما أن يدير ظهره سنلعن أبو من سينتخبه..
عادت المناسف وعادت لعبة ( الأحيه).. هذا مرشح العشيرة وذاك مرشح الحزب، هذا مرشح الاتجاه وذاك مرشح عدم الاتجاه، هذا مرشح مستقل وذاك مرشح تابع، هذا مرشح الشباب وذاك مرشح الشيّاب... سيتصارعون ويتكالبون ويتناحرون، لكنهم سيلتقون على محاولة استغفالنا، وسيكون المعيار الفارق بينهم يتمثل في عدد وحجم المناسف ونوع الأرز وااللوز والصنوبر واللحوم.. سنأكل كثيراً وسنعد كثيراً، فيما سيكون المرشحين مشغولين بحسبة الأرقام والبيانات الإحصائية وبجمع دفاتر العائلة معتبرين كلّ من أكل منسفاً أصبح صوتاً مضموناً، فيما سيكون تفكير الناخبين أين سيأكلون غداً.. تماماً كما تريد الحكومات حيث يمثّل الناخب دور المغفل ويمثّل المرشح دور المستغفل، فيما تكون الحكومة تستغفل كليهما..
أيها الناخبون: هنيئاً مريئاً لكل ما يمكن أن تحصلوا عليه هذا العام.. خذوا كلّ ما تستطيعون أخذه، لقد تعلمنا الدرس جيداً كما أرادت لنا الحكومات.. فهذه الأبواب المشرعة وهذه الأحضان المفتوحة، ستغلق كجدران الفصل العنصري بيننا وبينهم مع إغلاق صناديق الانتخاب..
E-mail:majedkhawaga9@yahoo.com