أجد نفسي مضطرّاً لشرح العنوان من خلال الأمثلة حتى أستطيع أن أوصل فكرة المقال، حسناً:
عندما تدخل محل تصليح «صوبات» وتجد المكان مقلوباً رأساً على عقب، هنا «فتلة منقوعة بكاز» هنا رأس «مضروب» ،هنا تنك «بتضيّع»، مفتاح «بايز»، والشبك مرمي في العتبة ،والبراغي في قاع المحل ، وأكثر من صوبة مقلوبة ومرمية ومبعثرة قطعها، وتجد السمكري «مقشمر» يرفع كمي القميص لحد الكوع ،سارح في الشارع وبين أصابعه سيجارة ويضع قدميه فوق الشبشب «البلاستيك» فاعرف انه قد وصل إلى مرحلة «البلهدة» ،وانه يعيش «بلهدته» كما يجب..أي أن جهد التصليح أقل بكثير من حجم الخراب،والانجاز لا يقارن بالمطلوب ،فقد خارت القوى وملّ القلب وعافت النفس «المحلّ»بما فيه..
وعندما يبحّ صوت الأم وهي تسكت صغارها «اقعد ولك»،»اسكت ولك»، «نام لا أموتك»، «اترك أخوك» تضع على يمينها بربيش وعلى يسارها «حفاية» ،ومع ذلك تفشل في فض الاشتباك أو الإسكات او «المونة» عليهم، فتجدها قد وضعت يدها على خذها و«اشارها» واصل لعيونها وآخر العنقود «يدفش ظهرها» وهي ساكتة وصابرة لا تأتي بحركة فاعرف انها قد وصلت مرحلة «البلهدة»..إذن كما لاحظتم في المثالين السابقين فــ»البلهدة» عدم جدوى المجهود في ظل كثافة القوى المضادة والوصول الى مرحلة الإنهاك واليأس التام..
أنا أستطيع ان أقول أني «بلهدت» ، لم يعد تجدي الكتابة ولا الكلام ولا الانتقاد فكثافة القوى الأخرى من متنفّذين ومتسلطين لا يهمهم الا إضعاف اقتصاد البلد و»قلة فهمهم» لما يجري وما سيجري جعلنا وغيرنا ممن ما زالوا «يسمكرون» في هذا الوطن «نبلهد» تماماً..نذود عن لقمة المواطن ، فيهجمون على «كازاته وبنزيناته»، يهجمون على «ضمانه»، ثم يقفزون إلى «مطاره»، ثم إلى «ضريبته» ونحن نكتب ونصرخ ونوعي قدر استطاعتنا لأننا نحب هذه البلد ونخاف عليها كما نخاف على عيوننا..لكن الكارثة ان «التنك بيضيع» و«المفتاح بايز» و»الفتلة محروقة» والوضع بمجمله لا يمكن تصليحه بقلم ولا حتى «بنكّاشة ببور»..
ها أنا أرفع كمي فوق كوعي ،و أخلع شبشبي البلاستيكي وأهوّي رجلي فوقه..وأدخن سيجارة «هيشي»..مع جحرة طويلة..معلناً «بلهدتي» عن سبق أضرار وتنهّد!.
الرأي