كنت في سيارتي متوجها للعمل حينما سمعت الملك يتحدث لإذاعة روتانا وبرنامج بصراحة مع ياسر النسور, يطمئن المواطنين بأنه سيعمل على معالجة قضاياهم مثنيا على العمل الإعلام المهني الذي يتناول قضايا الناس بموضوعية وشفافية ويطرحها للمسؤولين عساها أن تجد من المسؤولين المعنيين من يرحم الناس ويستجيب لهم. ما اثار شجوني وتقديري كان لملك امتلأ راسه بالهموم الدولية والاقليمة والعالمية, وانفطر قلبه يسعى نحو معالجة التحديات الوطنية المتفاقمة من المؤامرات الأقليمية والظروف السياسية لكنه لم يتوانى لحظة عن تقديم ما يستطيع لكل افراد الشعب. فرغم الحكومات والأجهزة والمؤسسات الوطنية الكثيرة والمتعددة والتي يقع على مسؤوليتها هذه القضايا الا ان صوت المواطنين ما زال يصدح عبر مختلف وسائل الإعلام الما وشكوى ومعاناة واحيانا الشعور بعد المساواه والإزدواجية , فكانت وسائل الإعلام كالبرامج الإذاعية متنفسا صريحا للناس , وكان على الحكومة وغيرها من الحكومات رصد هذه الشكاوي والسعي نحو علاجها واحترام المواطن والتصرف معه ضمن إطار القانون.
لقد كانت استجابت الملك لعلاج المشكلات المطروحة في برنامج بصراحة مع ياسر النسور بمثابة اثبات على احقية هؤلاء الناس لمثل هذه الخدمات وتبني الملك لعلاجها لشعوره أنه من الناس ومع الناس دائما.
لم ولن يتوانى الملك في أن يبادر لمعالجة هموم الناس وشكواهم لأنه يدرك بالتمام والكمال ان الذي يخرج على الهواء ليشكو , انما اصابه الإعياء بالتعامل مع المؤسسات والدوائر أولا . والدرس الثاني الذي نستخلصه من هذه المكالمة الصباحية المبكرة هي حرقة الملك على المواطنين وعدم توانيه في أن يقدم لهم ما يستطيع كملك وكمواطن وكمسؤول , فهو يؤمن بأن المسؤولية هي العطاء الذي لا ينقطع ابدا.
اما الدرس الثالث الذي نراه في مثل هذه المكالمة متابعة الملك رغم شح ما يتوفر له من وقت لوسائل إعلامنا ويدرك مهنية بعضها وقصور بعضها الآخر وخروجه عن قانون التعاون والمسؤولية والأخلاق المهنية. فللإعلام في رؤيى الملك ليس فقط للسياسة بل له دور هام واساسي في نهضة المجتمع وبالتالي الدولة, من خلال نقل الواقع وتصوير الحقيقية بعيد عن المجاملة والتجميل أو النفاق للمسؤول على حساب حق المواطن. فتلبية الحاجات الخدماتية, وتحقيق العدالة والمساواة بمفهوم المواطنة الحقة وشعور الفرد بأن محمد يرث ومحمد لا يرث.
في ساعات الصباح الباكر حيث موعد بث البرامج الأذاعية يستمع الملك بمسؤوليته كأب, ورب لهذه الأسرة الاردنية الواحده, ليعرف عن كثب هموم الناس ومشاكلهم التي قد لا يستطيع متابعتها كلها أو الأحاطة بها نجده يلجأ الى الإستماع لهموم ابناء الوطن ويضرب مثلا ونموذج يدعو المسؤولين بمختلف رتبهم ومواقعهم مساعدة الناس والتخفيف عليهم.
وهي بهذا دعوة لكل مسؤول ابتداء من رئيس الحكومة ومدراء المؤسست المدنية والأمنية وصولا إلى اصغر موظف في الدولة أن يتحمل مسؤوليته ويبادر في خدمة الناس, فنحن كعرب ومسلمين وأردنيين بالذات مؤهلون أكثر من غيرنا ليكون التكافل والتضامن والمحبة والشعور بالأخرين ديننا وسمتنا وهويتنا. ما قام به الملك سمة ملكية موروثة في بني هاشم عبر التاريخ الطويل برفع الألم والظلم عن الناس.
انتابتني مشاهد الفرحة وأنا أسمع الملك يتحدث بلغته القريبة للقلب الناخرة في أعماق الأذهان لتغرس فيه نماذج خالدة في علاقة الملك بالشعب.
لم اغلق مذياع السيارة وعلى البرنامج نفسه لاني اريد أن اسمع كلمات الملك مرة تلو ألاخرى, وان استخلص من نبرات الصوت وصدق التوجه وبراءة المنطق ما يجعلني افخر وأعتز دائما أنني من هذا الوطن وأن الهاشميون هم القادة.
صدح مذياع سيارتي فرفعت الصوت كغير عادتي وامتطيت السيارة كالفارس الذي يقود نحو النصر وكلمات وجهي ولساني وعيوني وكل جزء من جسدي يرد معي اغنية الوطن, عاش الوطن.