رمقت طبقَ المعجّنات أمامها فقالت وهي تتنهّد: « سأبدأ بالعجن و» والتّفريز « الأسبوع القادم بعد أن أنتهي من تحضيركميّات الملوخيّة وفرمها، لأتفرّغَ بعدَها لعمل رقائق الجبن بالزّعتر.

ردّت الأخرى بفخر: « أنا أنهيت تحضيرَ معظم الأصناف، بقي لفّ الدّوالي لمّا تنزل أسعارها قريباً، لتسألَ جارتَها باهتمام إن كانت قد انتهت من تجهيز رولات المسخّن و» تفريزها «

فضحكت الثُالثة من قلبها لتقول بزهو: « بعد الّلف والبحث، أنا وجدت كميّةً من الدّوالي بسعرٍ معقول، إن شئتِ ذهبنا معاً لشراءِ ما تحتاجينه، ما يشغلني حاليّاً الانتهاء من بسكوت الزّنجبيل. ثمَّ أضافت فجأة وقد غمرَ ملامحَها بؤسٌ مفاجىء: « نسيت كعك الشّوفان... ما أغباني، سهرتهم لا تكتمل إلا إذا تسلّوا بها طوال الوقت... لكن أحتاج إلى وصفة جديدة لأرسلَها إلى جارتنا التي أمتعتنا بالكعك الصّيامي الرّائع على مدى أربعين يوماً، الله يبيّض وجهي معها في الكعكات... وفي دعوة الإفطار أوّل يوم «

هنا، بادرت الأولى لتصف لها الطّريقة، وهي تحذّرها من اتّباع برامج الطّهو في اليوتيوب لتقول باعتزاز: « حكي فاضي... أتحدّى أن تخرجَ من بين أيديهم بالمذاق الذي تتميّز به حلوّياتي «

ثمَّ انتقلَ الحديثُ بعدها إلى عالم الباذنجان، وفنون الخلط بينه وبين الأجبان، لتنبري السّيّدة الثّانية فتبدأ بشرحِ أنواعها، وما يلائم وما لا يُلائم صواني الخضروات...

قاطعتَها إحداهنّ كأنّما سئمت من كثافة المعلومات فتسأل: « تُرى، أيّ مسلسلٍ سيجذبنا هذه المرّة؟ العام الماضي تابعتُ ثلاث حلقات من أحد الأعمال، ففهمتُ القصّة كلّها «

ابتسمت الأخرى لتقول: « معك حقّ، أنا سأختار الأجمل منها، وأبلّغك بموعد بثّه «

علّقت إحداهن أخيراً بتوّسل: « بس لو يرحمونا السّنة من الكاميرا الخفيّة «

فتعالت الضّحكات، ثمَّ واصلن الحديث عن أنواع المحاشي

في مكانٍ آخر، قال أحدُهم لصاحبيه وهو ينفثُ سيجارتَه: « هل تعلم لذّة السيجارة الأولى بعد الإفطار؟ لها نكهة مختلفة يا رجل

هزّ الآخرُ رأسَه موافقاً ليضيف: « معك حق، ، وكمان السّيجارة الثانية بعد القطايف، والثّالثة مع القهوة... يا سلام «

ردّ الأوّل: « على ذكر القطايف، قرّرتُ هذا العام اعتماد الكنافة المنزليّة، الجماعة عندي بيعملوها بنكهة خرّافيّة ، ابشر، إفطارُك عندي في اليوم الأوّل، لأنّي أنوي دعوة زميلي إيّاه... وأغنّيله مثل فيروز» زعلي طوّل أنا ويّاك «

ردّ الثّاني: « ذكّرني، ما كان سبب الخلاف؟ «

فأجاب: « صدّقني نسيت، لكنّه رجلٌ طيّب، وأنوي مصالحتَه وضمّه إلى شلّة الأنس هذه «

صاح الثّالث فجأة: « دخيل على أحبابك، أتوّسل لك، بس بلاش منسف على الإفطار... كادَ يُغمى عليّ العام الماضي «

وهكذا، بدءا يتباحثان حولَ البدائلِ التي دارت حول المقلوبة، والدّجاج المحشي، والبامية...

قاطعهما ثالث ليقول مازحاً: « أنهيا الموضوع يا جماعة، بدأتُ أجوع أقسم بالله... خلّينا نرتّب برنامج للعب الشدّة... وما رأيكم لو دعينا جارنا الجديد؟ فرصة لنتعرّف عليه، ويمكن تتعلّموا جميعكم من مهاراتي، ستكون أحلى قعدة عندي، ممنوع الاعتراض، وبلا مؤاخذة، القطايف ولزوم السّهرة عليكم يا إخوان...

وتعالت الضّحكات، وكلٌ منهم يتوّعد الآخر بهزيمة نكراء.

الرأي