facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




بكالوريا اللجوء


جمال عبد الناصر المبيضين
21-04-2018 11:05 AM

اسمي مروان، ولدت في عمان في الأول من نيسان لعام 2011 لأسرة قوامها أبي وأمي وأختي سمية وشقيقي ثائر، يكذب الناس في يوم مولدي وكنت أنا الحقيقة الأولى لأسرتي بعد هجرتهم القصرية ورحيلهم من درعا قبل أسابيع من ولادتي حيث أن من يكبروني كانوا بعمري اليوم حينما عمدوا قبل ست سنوات على المناده بإسقاط النظام تيمناً بثورات كانت في الجوار فاندلعت الأزمة في وصف الموالين للنظام، وقامت الثورة حسب أقوال المعارضين له.

علمت أن اسمي لم يكن ضمن الأسماء المقترحة لي وأنني كنت بشار قبل ولادتي بشهرين إلا أن تغير كل شيء حتى الإسم المقترح لي وأضحى مروان بعدما ساعدنا الضابط الأردني مروان على العبور بسلاسة والوصول الآمن لخيمة اللجوء وأنا من أنهكت والدتي وهي تجاهد لتصل سالمة رفقتي جنيناً في الشهر الثامن، فنذر أبي أن أكون مروان علني أحمل صفات الشهامة التي رأها في الضابط الأردني الذي يحمل الهوية والهوى الأردني والأصل والقضية الفلسطينية في ثنائية لا تكون إلا في الأردن.

يعجبني اسمي كثيراً رغم أنني أواجه صعوبة في نطق حرف الراء ولكنني أتذكر أن الخيار السابق كان يحمل حرف الراء كذلك فأيقن أن علي المحاولة كثيراً لأتمكن من الراء من أجل نطق اسمي جيداً ومن أجل القدرة على مجارة هتاف أصدقائي الهاتفين كثيراً ضد بشار!!!

حينما ولدت لم أحظَ بما حظي به أخي ثائر من احتفالات بقدومه ليس لأنه أول الذكور فأبي بعيد عن تلك النظرة ولكن ذلك يعود لأنني ولدت في ظرفٍ صعب جداً فزينة قدومي وعدة الاحتفاء بي بقيت هناك في درعا ونزحنا نحن دونها ودون السرير الذي اختارته لي أختي سمية حينما ذهبت العائلة في يناير إلى دمشق ليجهزوا عدة قدومي.

أنا اليوم أتكلم وأكتب بعضاَ من الحروف وأستطيع كتابة اسمي بالعربية والإنجليزية وأرسلني أبي حيث يدرسون قبل الصف الأول الإبتدائي، مميزٌ أنا عنهم فجميع زملائي في الصف يضعون أسمائهم على صدورهم وأنا أمسكه بيدي فأنا أملك البطاقة الأمنية التي لا يملكون وأعرف الغربة أكثر منهم رغم أنا درعا التي لم أعرفها سوى بالخريطة لا تبعد أكثر من ساعتين عن مكان سكني.

أخي ثائر الذي يكبرني بثلاثة أعوام يسأل أبي عن عدد محافظات بلدي فيجيبهُ أنها 14 فيصر ثائر أنها 12 كما أخبره الاستاذ ويبدأ بعد محافظات الأردن الذي نسكن ونقيم، فيصمت أبي ويقول أننا في الأصل وطنٌ عربي من واحد وعشرين محافظة أضحت بفعل الإنقسام 21 دولة مفككة أبكتنا حتى في فرقتها ولو كنت يا ثائر في سوريا لعدد المحافظات كما عددتها لك ولو كانت هجرتنا صوب لبنان لكانت المحافظات ثمانية فقط فمحافظتنا أضحت تبعاً لدولة اللجوء لا وفقاً لجغرافية سوريا.

وأكمل أبي ليخبر ثائر أن المحافظات السورية تمزقت كثيراً وأنهكت حرباً وجوعاً وقصفاً ونيران فما عاد العدد مهما بقدر أهمية أن تتأكد أنه في شمال الأردن وطنك الذي هُجرت منه وقضيت فيه سنوات عمرك الثلاث الأولى، في الشمال قبر جدك الذي ناضل من أجل الإستقلال وحارب في ميسلون واستشهد رفقة الجمع الذي آمن بأن سوريا عربية لا تعترف باحتلال.

يسأل ثائر والدي بحماس: "ولماذا تركنا جدي وحيداً يا أبي؟" فيتوه أبي في إيجاد الإجابة بحيث لا تجرحنا ثم يجيب والحسرة تتداخل بالكلام "لأن جدك لم يتخيل أبداً أن الأرض ستضيق بنا ولم يدر بخلده أن الإسم الذي اختاره لي سيسهل خروجي من سوريا فضابط الحدود السورية حينما قرأ نظام في هويتي ظنَّ أني موالٍ للنظام فأفسح لي الطريق ولم يعرف أن أسمائنا تلتصق بنا كما يريد اباؤنا لا كما نرغب نحن".

منذ سنتين وأنا أسأل أبي عن صوت الطائرات وصخب الاحتفالات في الخامس والعشرين من آيار فيجيب أن الأردن يحتفي باستقلاله ثم ينادي سمية ويطلب منها أن تخبرني عن عيد الجلاء في السابع عشر من نيسان وذهاب أسرتنا للإحتفال بالشام ثم مأساة الجلاء في آذار عام 2011 التي لم تنتهي آثارها حتى اليوم.

في الحارة حيث ألعب أرى سامي يرتدي علم سوريا بشكل يختلف عما أراه في بعض الفضائيات ويماثل لما أراه في قنوات أخرى فأسأل أمي عن سبب الاختلاف فتجيب بما لم أفهمه مبينةً أن العلم يلون تبعاً للون السياسي ووفقاً لميول القناة إتجاة ما يجري في الداخل السوري، فأضيع في فهم الإجابة دون أن أعلم ماذا تقصد وأقرر الاحتفاظ بالعلمين في درجي حيث أخبئ كل ذكرايتي الغالية بما فيها "لهايتي" في صغري التي رسم عليها صورة سبونج بوب.

علمتني أمي الصلاة وقالت لي أن وجهتك لن تتغير في الصلاة سواء أكنت مواطناً أو لاجئاً أو نازحاً فستبقى قبلتك نحو مكة ثم رسمت لي قبلة على خدي وقالت ولتكن وجهتك نحو الله دوماً يا بني علَّ إيمانكم يصل بكم لكل ما تحبون وجميل ما ترغبون.

أنا اليوم في العطلة التي تسبق سنتي الدراسية الأولى في المرحلة الإبتدائية، سأكون بالصف الأول وهذا يعني أن جيل كامل ولد مهجر ووصل المدرسة مهجراً ومتعباً وبعيداً عن وطنه، سجلت في المدرسة القريبة من البيت ونقلت أوراقي وملفي رفقة جارنا الذي جاء من محافظة الكرك في مفارقة جمعتنا به ونحن من قرية الكرك أيضاً ولكن في درعا الجريحة.

أعلم أنني لا زلت غضاً في الحياة ولكنني أفكر منذ اليوم إن كنت سأتقدم للتوجيهي أم سأحظى بفرصة التقدم للبكالوريا في إجابة لا يحملها سوى المستقبل.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :