الشباب عماد الوطن ومستقبله
المهندس موسى عوني الساكت
20-04-2018 09:52 AM
دائما ما كانت الفروق الجوهرية بين الأجيال أحد الأسباب الرئيسية التي تدفع المجتمعات لضخ دماء جديدة في دوائر قياداتها، وصنع قرارها، وذلك لضمان الانتقال السلس من عصر الى آخر .. فهل هذا ما نفعله نحن؟
لم يكن التمايز بين الأجيال (عمر الجيل الواحد عند ابن خلدون 30 عاما) عبر الاختلاف في الشكل والمظهر فقط، فهذا أمر هيّن، بل في طريقة العيش أولا، وثانيا في فهم حقيقي للادوات المعاصرة التي تقود، بالضرورة، لحياة أخرى مختلفة عن تلك التي عاشتها الأجيال السابقة.
فكيف الحال، ونحن أمام جيل ولد وسط انفجار الثورة التكنولوجية الهائلة، التي فجرت بدورها، في حياة البشرية، انماطا غير مسبوقة في الحياة، شكلا وجوهرا.
من الضروري هنا الالتفاتة، بأننا لا نتحدث عن تسليم عصا المسؤولية في سباق التتابع، من جيل الى آخر تسليما كليا، فهذا الأمر خطر، ولا تمارسه المجتمعات، مهما كانت درجة تطورها وحضارتها، بل ما نرمي إليه هو المشاركة الفاعلة للجيل الشاب لصياغة مستقبله الذي سيعيشه مع الجيل التالي.
إن دولة فتية مثل المملكة الأردنية الهاشمية أختبرت، على الدوام، قيادات شابة من رأس الهرم حتى أصغر مسؤولي الوزارات، جدير بها أن تواصل نهجها الذي اختبرته، ونجحت فيه بحقب مختلفة، وأن لا تكفّ عنه.
إلا أنها في العقدين الآخيرين بدا وكأن الشباب فيها لا يجدون لهم مقعدا بارزا يجلسون عليه في المقدمة، حتى زاحمهم عليه من طالت أعمار المناصب التي تقلدها، مرة بعد أخرى، حتى جاوز عمر سيرته الذاتية في تلك المناصب النصف قرن، من دون أن يستريح، أو يرى ضرورة تسليم عصا الراية الى من هم أقدر منه اليوم على فهم ما يجري في عصرهم!
إن القول عن الشباب بأنهم عماد الوطن ومستقبله، ليس شعارا يُرفع في المحاضرات والمهرجانات فقط، بل هو نهج عملي، تسهر على تطبيقه على الارض منظومة مجتمعية لا ترى سبيلا للبقاء والاستمرار لمجتمعها الا بتقديم الشباب، مرة بعد مرة، وضخ دماء جديدة في كيان لا يمكن له الاستمرار والتطور والنهوض الا بهذه النهج، نظرياً وعملياً.