أربعة أشهر تكاد تنقضي من العام 2018، جراح المنطقة ما زالت مفتوحة، الأزمات واحدة تلد أخرى، ولكن لا اجابات على المستقبل، الجرح الفلسطيني يتعمق أكثر، مع وثوب أمريكي ترامبي على كل العالم، وتمرين واحد بقصف سوريا كان كفيل بأن يتعلم كل من يخالف أمريكا اليوم، أن الرسالة وصلت، ولا مجال للمناورة مع هذا الزمن الترامبي.
وطنياً، الحكومة تتجاوز التحديات، تبدو الفاعلية أكثر مما مضى، ومجلس النواب برغم كل ما يؤخذ عليه أحياناً، إلا أنه ثبّت حضوره في معادلة الرقابة على أعمال الحكومة، لكن هذا لا يعني أنه خالٍ من العيوب والخلل أحياناً، خاصة عند نقاش القضايا الوطينة، فأوسع نقد موضوعي لأداء المجلس هذا العام، جاء من رئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونة يوم الثامن من نيسان حين قال معلقاً على جلسة نيابية شابها جدل حول الواسطات والضمان الاجتماعي :»يا إخوان لا يجوز المناقشة بهذه الطريقة، ذبحنا المجلس ونحرناه من الوريد إلى الوريد.. «.
هنا يمكن القول إنّ رئيس المجلس، مارس نقدا مهنياً، وهو يبدي تحملا وصبرا كبيرين على ما يدور تحت القبة لجهة ضبط ايقاع الجلسات حسب النظام الداخلي، ويجب التفريق هنا بين صورة النواب وأدائهم الفردي والصورة العامة للمجلس ورئاسته التي نشطت أخيراً وتغير خطابها السياسي بشكل جيد، وبحرفية أكبر.
في المقابل، ما زال الشارع متوقف عن أسئلته اليومية، والشكوى من ارتفاع كلفة الحياة، وفيما تتشاجر بعض النخب السياسية الكترونيا، وتظهر معارك جديدة حول اموال الضمان وغيرها، فإن الصيف المقبل يبدو أنه بدأ ساخناً قبيل الدخول في رمضان، والذي سيحمل الكثير من النقاش حول الأسعار وقدرة الحكومة على ضبطها.
المشهد المحلي ليس معقداً، لكنه بحاجة لمن يقدم جملة الختام وفصل المقال في بعض القضايا، مثلاً يتصاعد الجدل حول مسألة الضمان دون حسم، ويجري الحديث عن قرارات مقبلة حول استيراد السيارات ورسوم الهايبرد، ويظل الأمر معلقاً حتى صدور رسالة من نائب رئيس الحكومة موجهة إلى وزارة المالية تستثني السيارات التي أدخلت للمنطقة الحرة لتاريخ وأجل معين. وهكذا تتوالى القضايا دون حسم وتأخر في وضع حدّ للنقاش والجدل، وهذا التأخر يؤدي لقلق الجماهير ويفتح الباب للمزيد من ارتفاع حدّة الصراع الاجتماعي.
المهم أننا اليوم نشهد أداء وتماسكا أفضل للدولة وأجهزتها، هذا برغم الحديث المنطقي والمقبول شعبياً، عن حالة حرجة في الاقتصاد، وفي مسألة التضخم وضعف قدرة المواطن الشرائية، وبالتالي المستهلك بات يعاني وسيعاني أكثر من تآكل الدخل، وهذا أمر صعب خاصة ونحن نقترب من شهر رمضان.
يسألني اصدقاء في الغربة دوماً عن سبب تفاؤلي، وأكرر القول إننا البلد الوحيد في الهلال الخصيب الذي يشهد كل هذه الحيوية وتمر التحديات عليه، ويحاول المواجهة، وفيه من التعب والنكد الكثير، لكن فيه من الإرادة والكرامة وحسن الضيافة وبركة الوقت والحرية أكثر بكثير.
ودوماً نقول: نحن بخير، حتى أخطاء الشعب والنواب، أفضل من بلد شعبه مهجر، أو بلد بلا نواب، وحتى الحراك السلمي افضل من بلد كله سجون ومعتقلون.
الدستور