كثر الحديث عن اعطاء الاستقلالية لصندوق استثمار اموال الضمان الاجتماعي بحيث يضع مجلس اداره الضمان الاطار العام او السياسة الاستثمارية العامة، وللصندوق مطلق الحرية في اتخاذ قراراته دون الرجوع الى مجلس اداره الضمان للاعتماد، وجاءت الفتوى الأخيرة الصادرة عن ديوان تفسير القوانين مؤيده للاستقلالية، لكن منحت مجلس اداره الضمان الرقابة اللاحقة على اعمال الصندوق والاطلاع على التقارير الدورية .
ضمن اساسيات الحوكمه في اي جهة تدار من مجلس اداره ان يشكل المجلس من اللجان ما يشاء بما يتناسب مع طبيعة العمل، فإذا كان مجالها استثماري فمن الاجباري ان تشكل لجنه استثمار من اعضاء مجلس ادارتها من ذوي الاختصاص في مجال الاستثمار اغلبيتهم من المستقلين ، ويحق لمجلس الإدارة الاستعانة بخبراء من خارج المجلس اذا لم يتوفر العدد الكافي من داخله.
الصندوق وفق هيكله الحالي مختص بالاستثمار ولكنه يفتقر الى لجنه استثمار على مستوى مجلس الإدارة ، فوفق نظامه القانوني لا ينبثق عن مجلس ادارته الا لجان التدقيق والمخاطر الاستثمارية والحوكمه الاستثمارية ، اي تغيب عنه اللجنة الأساسية الموجودة في كل الشركات او الجهات الاستثمارية الا وهي لجنه الاستثمار.
حتى لو افترضنا انه بكافه اعضاءه يعد بمثابه لجنه استثمار يبقى الخلل الهيكلي والضعف الحوكمي موجود وهو الاستقلالية ، فأعضاؤه مجموعهم 9 منهم 7 اعضاء تعينهم الحكومة، وهذا يجعلهم ومعهم اموال الضمان الاجتماعي ،التي بالمناسبة ليست اموال تخص الحكومة، تجعلهم عرضه لضغوط الحكومة في توجيه الاستثمارات نحو قنوات ذات مخاطر عالية وربما مردودها ضعيف ،مع العلم ان نيه الحكومة حسنه تهدف الى تحريك النشاط الاقتصادي والتشغيل في ظل شح الموارد وهو امر مشروع، لكن ليس بأموال المشتركين في الضمان فالمال ليس بمال الحكومة.
مجلس اداره الضمان الاجتماعي تعين الحكومة فيه 5 من اصل 15 عضو، تمثيل اصحاب المال فيه اقوى ب 10 اعضاء من مجموع الاعضاء ال15 ، 4 يمثلون العمال ،4 يمثلون اصحاب العمل ،2 يمثلون النقابات المهنية ،بمعنى ان اغلبيتهم مستقلين متوفرة ، و صاحب المال له الغلبة في اتخاذ القرار الاستثماري النهائي، ويستطيع النظر بعين ثاقبه جديده لتوصيات الصندوق ويمثل رقابه حصيفه عليه ، مما سيدفع الصندوق للتوصية بما هو محدود المخاطر.
الصندوق في هيكله يجب ان يكون بمثابه لجنه استثمار اعضاؤها خبراء مختصين في القطاعات المختلفة ومستقلين وفق معايير الحوكمه بمعنى لا يعملون في ادارات الشركات التي يستثمرون بها وليس لهم مصلحه ماليه في اي منها وموالين لصاحب المال لا بمن يقوم عليه .
وجود ممثلين النقابات واتحاد العمال وممثلين اصحاب العمل وفيهم خبراء الاستثمار، سيراعي حمايه اموال المودعين وتجنب اي مخاطر قد تؤدي لإلحاق خسائر او تبديد اموال كما حصل في مشاريع كثيره، اي ان الضمان بممثليه في المجلس هو الاكثر استقلاليه وقراراته لا تستدعي التسرع، وهو العين الفاحصة الرقيبة من خارج الصندوق.
موضوع حوكمي ملفت اخر هو وجود لجنتي حوكمه احداهما على مستوى مجلس اداره الضمان والاخرى على مستوى مجلس اداره الصندوق، ويمكن الاكتفاء بواحده يرأسها رئيس مجلس اداره الضمان الاجتماعي الذي لا يشارك في اي لجنه بل يبقى مستقلاً ورقيباً على كل اللجان باستثناء لجنه الحوكمه التي تستوجب وفق افضل الممارسات ان يكون رئيس مجلس الإدارة هو رئيسها.
اما موضوع الرقابة اللاحقة التي وردت على لسان وزير العمل رئيس مجلس اداره الضمان الذي يؤكد امكانيه عرض القرارات الاستثمارية المتخذة من قبل الصندوق في تقارير دوريه لاحقه على مجلس الضمان ، فأظنه سيؤدي الى تحميل المؤسسة مسؤوليه قرارات اتخذها غيره ،ومخرجات لا يمكن تصحيحها او تدارك تداعياتها ،خاصه اذا وقعت العقود او نفذت صفقات التداول الالكتروني الخاطفة.
الصندوق يحتاج لمراعاة الحوكمه الفضلى وتعديل تشريعه : ليصبح مجلس اداره الضمان الاجتماعي صاحب القرار في الموافقة على استثمارات صندوق الضمان الاجتماعي ، وللحديث بقيه في نوعيه الاستثمارات.
Rami.kk@hotmail.com