لبنة كبيرة ، ومنظومة اجتماعية غاية بالأهمية في بنية الشعب الأردني - كغيره من الشعوب العربية ، بدرجة تقل أو تزيد ، هي العشيرة ، حيث يضرب تاريخ الكثير من العشائر في جذور التاريخ الأردني بشكل خاص والعربي بشكل عام . ويختلف تعداد أفراد كل عشيرة ، رغم أن عدد سكان الأردن سيتألف من عدد يتكون من ثمانية خانات لو أخذنا بما يقوله البعض عن تعداد أفراد كل عشيرة .
نعم للعشيرة عندما تكون تنظيما اجتماعيا ، يشمل بخيّره كبارها وصغارها ، ذكورها وإناثها ، يشملهم بالدعم المعنوي في الأفراح والأتراح ، يقدم القادر منها دعمه المادي ( من حرّ ماله ) لغير القادر ، نعم للعشيرة التي توفر الدعم المالي لتعليم الأبناء والبنات من صناديقها التعاونية الخاصة ، بل وتزويج الأبناء أيضا ، وتوفير فرص العمل في المؤسسات الخاصة والمملوكة لبعض أبناء العشيرة ، ونعم وألف نعم لكل تعاون على البر والتقوى .
لا للعشيرة عندما تكون تنظيما عصبيا قبليا ، يقصر الخير العام على أبناءها دون غيرهم بسبب القربى ، لا للعشيرة التي يستغل فيها من " وََصَـل " من أبنائها منصبه الرسمي الكبير وسلطته الواسعة في تعيين وتوظيف عباد الله وفق درجة القرابة والنسب ، دون وجه حق ، وتفضيل و" تفصيل " للوظيفة المتوفرة أو الدورة الخارجية ، وفق مواصفات ابن العم العزيز ، وكأن الدائرة أو المؤسسة العامة مزرعة خاصة به ولعشيرته ، يتوارثها الأبناء عن الآباء .
أما موضوع الانتخابات البرلمانية والأخرى فالحديث أكبر حرجا . إذ تصدر بعض العشائر بيانا ينشر بالصحف المحلية أنها قررت ترشيح ابنها " فلان " كمرشح للعشيرة في انتخابات مجلس النواب القادم . السؤال هنا : إن كان " فلان " هو مرشح لعشيرته ، من هو مرشح من ينتمي لعائلة أردنية بسيطة ؟ لأن " فلان " سيرعى مصالح عشيرته باعتباره ابنها البار ، فهي من أوصلته إلى مقعده بالمجلس الموقر ، وستكون مصلحتها وقضاياها " أولا " ، ونائب لعشيرة ليس بنائب لوطن ، ولن يكون لمن لا ينتمي لعشيرة ما من يمثله في المجلس ( لا أعلم من يقصده السيد أحمد عويدي العبادي بمفردة المقاطيع التي يتداولها ) أقولها رغم أن العشائر – صغيرها وكبيرها عددا – قد أنجبت الكثير الكثير من الأكاديميين والمثقفين وغيرهم ممن يصلح قادة للرأي ، ويعتد بآرائهم ، ولهم القدرة على التوجيه في حسن اختيار" الأصلح " وليس " الأقرب " . ومن الملفت للنظر ، والمثير للدهشة أحيانا أن بعضا من عشيرة ما ، يقوم بنشر نفي لما نشر بالصحف في يوم سابق عن موافقته على ترشيح ابن عشيرته المدعو " فلان " للمقعد النيابي لأمر في نفس يعقوب .
نعم للعشيرة كتنظيم اجتماعي خيّر ، ولا للقربى كسبب أول وأسمى للاختيار ، وليكن المقعد النيابي - بل وكل مقاعد المجالس - للأصلح والأقدر على العمل الوطني بكافة صوره ، وليكن هذا المقعد للمؤمن بشعار " الأردن أولا " وليس " العشيرة أولا " .
haniazizi@yahoo.com