اذا اردنا أن نعرف ماذا جرى باروقة قاعات مؤتمر القمة العربية 29 في الظهران , يجب ان نعرف ماذا دار ويدورفي عواصم صنع القرار في واشنطن ولندن وباريس . وإذا اردنا أن نعرف مغازي قرارات القمة العربية وأهدافها ومداها , يجب أن نعرف السيناريوا الجديد الذي رسمته دول القرار للمرحلة القادمة وخاصة ما يتعلق بقضايا ومصائب منطقتنا .
فالعرب ما زالوا يمثلون الحلقة الاضعف في تفاعلات القضايا الدولية . ولكن لا بد من الإعتراف إن البيان الختامي كان افضل مما توقعنا , حيث حافظ العرب على اولويتهم للقضية الفلسطينية والقدس كعاصمة للدولة الفلسطينية رافضين بذلك إجراءات ا/ريكيا بنقل السفارة , كذلك اعلانهم تمسكهم بالمبادرة العربية رافضين بذلك مشروع صفقة القرن التي تلوح بها أمريكيا بعد أن شككت وسائل غعلام عربية بالكثير من المواقف بين الدول العربية وخاصة لدول الخليج . وتمسكهم بإنهاء الصراع في المنطقة بالحوار والطرق السلمية , رافضين تدخل الأخرين بالشؤون العربية ومحاولات الهيمنة على الدول العربية والتحكم بمصيرها .
ولا بد ايضا من الإعتراف بالمعاني القوية والرسائل الاقوى التي حملتها كلمة الاردن وعلى لسان الملك والتي أكدت على الموقف الاردني الثابت وغير المتحول , فلغة الخطابه وطبيعة التوجه, في كل الأمكنة وبشتى الأزمنة , هي نفسها . ومن حسن لطالع أن ها تماثل ما تعودنا عليه من الملك الباني الراحل الحسين. فمفاهيمنا الاردنية أصبحت وعلى مر الأزمان هي الثوابت الوطنية التي تشكل لغتنا جميعا ملكا وشعبا وحكومة وهي نفسها التي صدح بها الخطاب الاردني في محافل الدنيا قاطبة وفي فضاءات الشرق والغرب حتى اصبحت شعارنا وهوية وطننا! ومرجعا لمعالجة قضايا المنطقة .
ما سمعناه من الملك بقمة الظهران تأكيد وثبات واضح للموقف الأردني الذي هو امتداد وصورة للمطلب العربي الاساس والذي تمسك به رغم التغيرات الكثيرة التي تعيشها السياسة الدولية والواقع في منطقتنا , والتنازلات الكثيرة التي تقدمها الدول مكرهة للحفاظ على وجودها أو مواقعها أوضمان الدعم لمواقفها .
ان الاردن من أكثر الدول العربية التي لا بد وأن تتحدث عن التحديات والصعوبات وخاصة التي تواجها وسببتها طبيعة الأحداث في المنطقة وآثارها على الدول والشعوب . تركيا وضعت مشكلتها بين يدي الاتحاد الأوروبي الذي ادرك حجم التحدي التركي من الأزمة السورية .الكرامة الاردنية أبت أن نكرر واقعنا ضنا أن اللبيب من الإشارة يفهم .
كلمات الملك كانت لسان حال كل الاردنيين والعرب الأشراف الذين ما إنفكوا وهم يحملون راية العروبة ولكن بنهجها العاقل المتزن الذي لا يلاطم المخرز وبنفس الوقت لا يترك مفاهيم الأنهيار والإستسلام تتغلغل في ثقافة العربي .
لا نريد أن نقيم مؤتمر القمة , فمن الظلم الحديث عن نتائج قمة عربية ونحن نعيش محنة الضربة الأمريكية البريطانية الفرنسية التي زادت غضب الشارع العربي العام على استمرار تدمير مقدرات الشعب السوري وبمسميات افتراضية يختلقها الغرب كيفما يشاء , وليستبيح الإسرائيليون فضاء العرب وضرب المطارات والقواعد العسكرية , دون وجل ولا إكتراث مؤمنة بضرورة دمار سوريا وإضعافها لخمسين سنة قادمة , بحيث لا تكون عائقا امام المخططات الصهيونية الغربية التي يجري إعدادها لمنطقتنا .
نفهم في الاردن أن الضربة الثلاثية لم تكن مجرد ضربة عسكرية بحتة بمقدار ما كانت رسالة سياسية من الطراز الرفيع , لروسيا وايران , حيث حاولت أمريكيا نزع مفاهيم التأهيل التي منحها الروس والأيرانيين لنظام بشار لأسد , وبنفس الوقت اشعار الروس بأنهم ليسوا اللاعبين الوحيدين في الساحة السورية وغير السورية, , اضافة لكونها رسالة تحذير للايرانيين والأتراك , بعدم التمادي في مناطف عفرين في الشمال الشرقي لساحة الأكراد, وفي وجنوب سوريا (درعا )وحدود القنيطرة المتآخم مع إسرائيل.
الضربة حملت رسالة تؤكد على عودة مقررات مؤتمر جنيف وأتفاقاته , والأنتهاء من كل طروح شوتسي واستانا , التي خيطت بابرة وفتلة روسية إيرانية تركية , ليعاد حياكتها مع تقدم لموقف المعارضة وتوازنه على طاولت المفاوظات .
أصبحت الفرصة أكثر قربا من ذي قبل لإنهاء التوتر والصراع في المنطقة وبدأ صفحة جديده في تاريخ أمتنا , التي عانت وعانت بما فيه الكفاية , وهي فرصة سانحة لحوار الأهل السوري , والنظرة لسوريا جديدة تقوم على التعايش والمحبة , وليس على الدمار الذي حل بهم دون استثناء. نظاما ومعارضين.
فكما ننظر للقمة العربية بمضمونها القومي التعاوني التشاركي ننظر ايضا لهذا الصراع الدائر والخلاف المحتدم وسط كلمات جميعها تنادي بالقومية واللحمة العربية والإتفاق العربي . فاين نحن وكيف نحن من ذلك