الأردن ورئاسة قمة " الجامعة"
محمد يونس العبادي
16-04-2018 09:04 PM
أدى الأردن واجبه خلال فترة ترؤسه لأعمال القمة العربية التاسعة والعشرين، بمنتهى الإخلاص، وحاول في زمن الإشتباك والتقاهر العربي أن يغير عناوين كثيرة للعمل العربي تنقله من ضيق الإنشاء إلى رحابة الفعل.
فمنذ اللحظة الأولى التي تسلم بها الأردن، وعلى مدار عامٍ مثقلٍ بالأحداث رئاسة القمة، حمل جلالة الملك الحمل وبسعي كبيرٍ لأجل إنجاح القمة التي احتضنها قبل عامٍ.
ونجح الأردن في الحفاظ على صورة الجامعة وثقلها، برغم ما شهدته فترة رئاسته من تقلبات عبر عنها قرار نقل السفارة وغيرها من ازمات أبرزها الأزمة الخليجية وغيرها من الملفات التي تشابكت في منظقة رأى كثيرين أنها باتت جزءاً من الماضي، ولكن علينا أن نقف هنا ونتساءل عما فعله الأردن للجامعة وكيف أضفى عليها هويته الجامعة؟
الأردن بديبلوماسية الهاشميين المعهودة منذ القدم، حاول أن تكون الجامعة بيتاً للحوار لا بيتاً للتنافر، ونجح في ذلك إلى حدٍ بعيد في تجنيب الجامعة أي حوارٍ كان من الممكن أن يفضي إلى انعكاسات التشظي كما في عهودٍ سابقة لتاريخها.
كما أنه نجح في صياغة عنوانٍ للعمل العربي المشترك ينبع من الهم الأكبر وهو القدس، وتحرك ضمن مساحات الجامعة المتاحة وتشكلت السداسية العربية التي عبرت عن عملٍ عربي مشتركٍ حيال قضية القدس.
وحتى وإن كان كثيرين منا ما زالوا يشككون بجدوى وجود الجامعة أًصلاً، إلا أن لغة الجامعة خلال فترة رئاسة الأردن كانت مفرداتها تنبع من الهموم الحقيقية للوجع العربي المسكون بالقدس، وهذا عنوان لطالما كان في السابق ثابتٌ ومجردٌ من أي معنى.
ولكن الأردن نجح في ترجمته إلى واقعٍ عربي يترجم إلى فعل ديبلوماسي يتجاوز حدود وهن الجامعة إلى رسم خارطة طريق لسبل الاستفادة من الجامعة العربية.
كما أن الأردن نجح في حفظ تماسك الجامعة من خلال تركيزه على قضايا الأشقاء وهمومهم أيضاً مع الحفاظ على أولوية القدس في وجدانها.
وختاماً، يبقى أن نقول أن الأردن وهو أحد الدول السبعة المؤسسة للجامعة، أضفى هويته دوماً على العمل العربي المشترك، وحاول أن ينقله إلى خطى تسير إلى هدفٍ لا عناوين جامدة بلا آليات تنفيذ.
ولقد نجح الأردن في ذلك معتمداً على شرعيته المتجذرة، وخطابه العروبي الصافي جذوراً وتكويناً، إذ أن الملك المؤسس الشهيد حمل الحلم العروبي من الجزيرة رافعاً شعار العروبة عن أبيه – طيب الله ثراه- وهو ينتمي إلى جيل العروبيين الأوائل الذي أسسوا لهذه المفردة في عصرنا الحديث.
كما أن رئاسة الأردن للقمة التي تزامنت واحتفالات المملكة بمئوية الثورة العربية الكبرى، تنبأ عن دلالات واضحة لمقدار الحس العروبي بمعدنها الأردني النقي.
واليوم ينقل الأردن رئاسة القمة إلى الشقيق متطلعاً لأن تبقى " الجامعة" حاضرة.. لتذكرنا بموعدٍ نتطلع فيه إلى الوحدة، الوحدة النقية الخالية من شعارات " اليوتيوبيا" المليئة الى آليات تنفع ببناء الإنسان العربي وتداوي بعض أوجاع حاضره .. !