المبادرات العربية والردود الإسرائيلية عليهاراسم عبيدات / القدس
25-04-2007 03:00 AM
بداية لا بد لنا من القول ، أن الثوابت الإسرائيلية لم تتغير منذ المؤتمر الصهيوني الأول في بازل آب 1897، والثوابت العربية القومية إستمرت في التراجع والإنكماش ، لتمثل حالة من الإفتراق العربي الرسمي الجماعي عن ثوابت قومية طالما إلتزم بها العرب على الأقل في الحالة العلنية ، فمن لاءات الخرطوم الثلاثة , لا صلح ولا مفاوضات ولا إعتراف ، والتي جاءت ردا على هزيمة عام 1967 ، إلى مبادرة السلام العربية التي أقرت في قمة بيروت 2002 ، وإتخذت قمة الرياض آذار 2007 قرارا عربيا جماعيا بإعادة تفعيلها .، حيث جرت في النهر مياه كثيرة إرتباطا بالواقع العربي الرسمي ، والذي يبرر ذلك بالإستجابة لمتطلبات الشرعية الدولية ، وبمعنى آخر التكيف مع المتطلبات والإشتراطات الأمريكية – الإسرائيلية ...وحيث تم الإنتقال من اللاءات الثلاث إلى النعم أربع مرات ، نعم للمفاوضات ، نعم للإعتراف ، نعم للسلام ، نعم للتطبيع وبعد صنع السلام ، وفي الوقت الذي لم يجف فيه الحبر ، عن قرارات وزراء الخارجية العرب ، والذين إجتمعوا في القاهرة ، لبحث طرق واليات تفعيل المبادرة العربية ، بشأن السلام مع إسرائيل ، حيث تم تكليف وزراء خارجيتي الأردن ومصر ، للقيام بهمة الإتصال مع إسرائيل في هذا الجانب ، ولكن كما تعودنا دائما من إسرائيل ، في الرد على مثل هذه المبادرات ، حيث قامت بخطوات وردود أفعال ، تثبت أن المجتمع الإسرائيلي ، والذي ما فتئت قياداته تتحدث عن إستعداداتها لتقديم ما يسمى بالتنازلات المؤلمة من أجل السلام ، وبتوصيف العرب والفلسطينيون وتنميطهم ، حسب قول الكاتب نقولا ناصر ، بأنهم الرافضين تاريخيا للسلام ، وبأنهم مدمني أضاعة فرص السلام ، غير جاهز للسلام ، لا على المستوى الرسمي ، ولا على المستوى الشعبي ، فعلى المستوى الرسمي ، الحكومة بمختلف ألوان طيفها السياسي والحزبي ، غارقة في الفساد والرشاوي والفضائح الجنسية ، ولجان التحقيق حول الحرب السادسة ، الحرب على لبنان ، والتي قد تطيح برأس المؤسسة الحاكمة ، وبالتالي هذه الحكومة غير قادرة على إتخاذ قرارات إستراتيجية ، مثل قضية تبادل الأسرى ، أو مفاوضات عربية – إسرائيلية جدية تؤدي إلى إنسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي العربية المحتلة عام 1967م ، إذا هذه القيادة في سبيل مصالحها والدفاع عن الكرسي والزعامة والقيادة ، فإنها تعمد إلى تصدير أزماتها الداخلية ، نحو الخارج ، وهذا التصدير دائما يأخذ أبعادا عدوانية ، او شن عمليات تضليل وخداع ، وما يجري اليوم على الساحة الفلسطينية ، يندرج في هذا الإطار والسياق ، حيث صعدت إسرائيل من وتيرة قمعها وإغتيالاتها لأبناء الشعب الفلسطيني ، وذلك لكي ، تحقق عدد من الأهداف ، يقف في طليعتها ، إفشال أية خطوة أو جهد فلسطيني يستهدف نقل حالة التهدئة من القطاع إلى الضفة الغربية ، وذلك إستجابة لرؤية وتصور أجهزتها الأمنية والعسكرية والإستخبارية ، أن من شأن الموافقة على مثل هذه الخطوة ، إلحاق ضرر بالغ بقوة الردع الإسرائيلية ، وكذلك فإن ذلك قد يمكن قوى وفصائل العمل الوطني الفلسطيني ، من إعدة بناء بنيتها التحتية ، وقدراتها التنظيمية والكفاحية ، أي بمعنى آخر التصعيد من أجل جر قوى المقاومة على للرد ، على تلك الجرائم والإستفزازات الإسرائيلية ، ومن ثم تصبح الحجج والذرائع جاهزة ومبررة لشن عملية عسكرية إسرائيلية واسعه على قطاع غزة ، والتي يتم التمهيد لها بالتطبيل والتزمير يوميا ، في وسائل الأعلام الإسرائيلية ، مثل تسلح فصائل وقوى المقاومة الفلسطينية بأسلحة حديثة ، تمكنها من ضرب العمق الإسرائيلي ، وكذلك الحديث عن وجود خبراء إيرانيين ، يعملون على تدريب المقاومة الفلسطينية على الأسلحة وزرع العبوات وتحسين وتطوير قدراتهم القتالية والصاروخية ، وتصدير الأزمة ليس قصرا على الساحة الفلسطينية ، فلربما يكون نحو الشمال ، أي تسخين الجبهة السورية - اللبنانية ، حيث الحديث المكثف عن إستعدادات وتسلح عسكري سوري ، لشن حرب محدودة من أجل تحريك أو تحرير هضبة الجولان السورية المحتلة ، أو ربما تندفع إسرائيل نحو مهاجمة المنشئات النووية الإيرانية ، بموافقة وضوء أخضر أمريكي ، وبالتالي هذا التحرك والتصعيد الإسرائيلي ، هو الكفيل بمنع إيجاد أي ضغط حقيقي على إسرائيل للموافقة أو الإستجابة للمبادرة العربية ، وخصوصا أن الإدارة الأمريكية ، وعلى ضوء إزدياد أزمتها في المستنقع العراقي ، والفشل في منع إيران من إستملاك الأسلحة النووية وتطوير منشئاتها النووية ، قد يدفعها ذلك لممارسة ضغوط على إسرائيل لقبول المبادرة العربية ، وخصوصا بعد ما لفقته صحيفة " هارتس " ، الإسرائيلية على لسان الملك عبدالله الثاني من أن لإسرائيل الحق في الإعتراض على المبادرة ، وأمريكيا معنية في إصطفاف عربي حول موقفها ، لشن حرب على إيران ، ومن هنا ندرك أن هذه المبادرة التي جرى قبرها وتصفيتها ؟، قبل ولدتها في بيروت / 2002على يد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق " شارون " ، حيث إجتاح كامل الضفة الغربية ، وحاصر مقر الرئيس الراحل الشهيد أبو عمار في رام الله ، ولم يكن الرد العربي الرسمي ليتعدى الإدانة والإستنكار اللفظي ، لكون هذه الحكومات عاجزة تماما عن الرد، ولا يمتلك أيً من عناصر القوة التي تمكنه ، من الرد على العنجهية والغطرسة الإسرائيليتيين ، واليوم يعيد رئيس الوزراء الإسرائيلي " أولمرت " ، نفس الكرة وبالقوة العسكرية لإفشال أي إستجابة أو تعاطي مع هذه المبادرة دولياً وإقليميا ، ورغم أن هذا ربما ينهي على وصف الكاتب نقولا ناصر ، حالة التنميط الغربي والأمريكي للعرب ، على أنهم رافضين للسلام ، إلا أن ما نشهده ، ليس حالة من التحولات التاريخية الإيجابية عربيا ، بل هو حالة من التحول السلبي والخطير ، والذي هو إستمرار لسياق تاريخي طويل من التنازلات المجانية ، والتي يقدمها النظام الرسمي العربي ، ، وأنا لا أتفق مع الكاتب نقولاناصر ، بأن من فوائد هذه المبادرة أنها تنهي حالة التنميط الذاتي للدول العربية أمام شعوبها كأنظمة ملتزمة بالثوابت القومية في الصراع مع إسرائيل ، فالجماهير العربية وعت هذه الحقيقة بشكل واضح أثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان ، حيث أن النظام العربي وقف عاريا ومكشوفا أمام جماهيره ، وبالتالي التخلي وإنهاء قومية الصراع في سبيل أن ننهي حالة التنميط في الذهنية الغربية والأمريكية عنا كعرب ، بأننا عدوانيين لا يمكن تبريره تحت أي شكل من الأشكال ، فلا يجوز مقايضة الحقوق في سبيل تكتيكات معينة هنا أو هناك ، وبدون وضع آليات وتجنيد كل الطاقات والإمكانيات وعناصر القوة العربية ، وإيجادة لعبة المصالح ، فإن هذه المبادرة حتى في إطارها وشكلها الحالي ، والتي أنا متشكك ، بل ومتيقن من أن النظام الرسمي العربي ، جاهز لإدخال تعديلات عليها ، تستجيب للرؤية الأمريكية والإسرائيلية ، تحت يافطة وشعارات الإستجابة لمققررات الشرعية الدولية ، وإسرائيل التي تبدي ثباتا على مواقفها وإستراتيجيتها منذ مؤتمر بازل في سويسرا، وحتى الآن غير متوقع أن تستجيب لهذه المبادرة حتى في صورتها الحالية ، دون أن يكون لها حوامل وآليات وأنياب ، وبدائل جدية في حالة رفضها من جانب إسرائيل ، لأن إستمرار الأقوال وطرح الشعارات بدون أية أفعال وترجمات عملية على الأرض ، من شأنه أن يزيد من حالة الأحباط واليأس وفقدان الثقة بين الجماهير والشعوب العربية . |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة