إذا اعتقد الأسد أنه سيفلت بسوريا من ضربة عسكرية غربية تكون مثل القشة التي تقصم ظهر البعير في حال تسليم الكيماوي؛ فهو ليس مخطئا وحسب بل أحمقا!

يعتمد ذلك على مدى مصداقيته في قبوله بتسليم ما يزيد على 700 طن من الكيماوي. فإذا سلم فعلا كل ما لديه من كيماوي لما يسمى بالمجتمع الدولي، فهو يشرب السم بكامل إرادته.
تساءلوا معي: متى تحرش الغرب بالقذافي في موضوع أسلحة الدمار الشامل التي كان يمتلكها؟ فعلوا ذلك بعدما أعدموا صدام حسين.

القذافي الذي تغنى بقدسية صدام حسين، ونصب له تمثالا بجانب تمثال عمر المختار، ظن أنه سيفلت من حبل المشنقة إذا سلم للغرب أسلحة الدمار الشامل، ففعل ذلك مخدوعا بوعودهم له باستثمارات أجنبية هائلة في صحراء ليبيا، وبانفتاح حذر في العلاقات الدبلوماسية، فذهب إلى نيويورك، وحاول نصب خيمة له هناك أمام مبنى الأمم المتحدة، الذي ألقى فيه خطابا ناريا، قام أثناء ذلك بتمزيق ميثاق الأمم المتحدة على مرأى من قادة أكثر من 200 دولة. ثم ذهب إلى إيطاليا واضعا صورة عمر المختار على قلبه تحديدا، ومشى في مطار روما جنبا إلى جنب مع رئيس وزراء إيطاليا، ولسان حاله يقول: "يا أرض انشقي وما حدا قدي".

ثم جاءه "خازوق" الرعب العربي من حيث لا يدري، لا حيلة في يديه لمواجهة "من أنتم؟"، فلا كيميائي يهددهم به، ولا بيولوجي يروعهم به؛ ففي بارجة غربية واحدة سلم كل ما لديه من ملفات ومواد موهوما بحركة دبلوماسية ناجحة من جانبه، وقلنا حينها: "طلع أكثر واحد فيهم بفهم!"، وأكلنا المقلب معه، يوم رأينا جثته تركل بأرجلهم!

الأسد، في حال تسليم أسلحته الكيميائية، سوف يواجه نفس المصير. فهذه الخطوة الثانية على المخطط الغربي لإضعاف سوريا. كانت الخطوة الأولى في حرب اهلية دامت أكثر من سبع سنوات، دمرت ما يحتاج إلى 6 ملايين عامل لإعادة الإعمار حتى الآن! أما الخطوة الثالثة، فهي تسحيل الأسد في شوارع دمشق الفيحاء، على يد الغرب الذي سيقف عند قبر صلاح الدين الأيوبي، ويقول له: ها قد عدنا مرة ثانية! كانت المرة الأولى عندما وقف الجنرال الفرنسي غورو.

من جهة أخرى، قبل نحو خمس سنوات طالب مسئول فرنسي باستصدار قرار ملزم من مجلس الأمن لسوريا بجدول زمني تسلم خلاله سوريا ترسانتها الكيميائية. هذه المطالبة لم تكن آنذاك أكثر من "جس نبض" ليس لمصداقية سوريا، إنما لمصداقية روسيا.