قراءة نقدية في رواية "عندما يموت الياسمين"
15-04-2018 01:18 PM
عمون- اعتبرت الناقدة الدكتورة ميّ بنات، ان الكاتب الشاعر بكر السواعدة، يثير في روايته الاولى "عندما يموت الياسمين"، تساؤلات كثيرة في عنوان الرواية، متسائلة عما يحدث عندما يموت هذا الأبيض وهل هو موت طبيعيّ نمطيّ للياسمين أم أن هناك من يحفر قبر هذه الزّهرة البيضاء الملائكيّة؟! واضافت بنات في قراءة نقدية لرواية "عندما يموت الياسمين لكاتب السواعدة ان الكتاب بغلافه يتدرّج بين الخضرة والصّفرة، في سيميائيّة تُشير إلى ثنائيّة الحياة والموت، الخصب والجفاف، الأمل واليأس، فيما يتوسّط الغلاف بين إطارٍ حالكٍ قلبٌ أقرب في تفاصيله إلى طبيعة القلب البشريّ التّشريحيّة، حيث ينبت الياسمين متفرّعًا من أعلاه؛ كأنّما هو غراسٌ أرضه القلب، في دلالةٍ بيّنةٍ إلى الجانب العاطفيّ الّذي يُفلح في إيصال رسالةٍ حول محتوى الكتاب الّذي يفيض بما في خلجات القلب.
وبينت ان أحداث القصّة تدور حول شخصيّة محوريّة يغلب صوتها على النّصّ (غيث)، الّذي يرتبط مع زميلته في العمل بعلاقةٍ عاطفيّةٍ حالمةٍ، تضع القارئ في حالٍ من الرّومانسيّة الّتي باتت مفتقدةً في الأعمال الأدبيّة النّثريّة المعاصرة، لكنّ الرّواية الّتي تحمل هذه السّمة العاطفيّة تحمل أبعادًا اجتماعيّةً تمثّلت في زواج (غيث) الأوّل، وموقف والدته منه،وذكوريّة (غيث) المتمثّلة بأنانيّته بداية علاقته مع حبيبته، وإقدام الأنثى على التّضحية في مثل هكذا علاقة بدافع عاطفتها.
أمّا الطّرف الآخر في العلاقة (أمل)، فلقد ركّز الكاتب على مظهرها الملائكيّ بعينيها العسليّتين، وابتسامتها الرّقيقة، وبعض ما اتّسمت به من لطفٍ ورقّةٍ انعكست فيما أظهره الكاتب من تصرّفاتها، وطبيعة علاقتها مع (غيث) الّذي يطلع القارئ على سرٍّ كأنّما يكتشفه معه، بينما هو يعرفه حقيقةً ممّا يُضعف إقناع القارئ بوجود مبرّراتٍ تُقنع بسيرورة هذه العلاقة، الّتي تكون قد أخذت مجراها، ليتغيّر مسارها بين الحبيبين، ويُمسي المقهى الّذي كانا يرتادانه سويًّا خاويًا من ذلك الثّنائيّ المغرّد بصوت فؤاده.
واشارت الى ان العمل امتاز بالوصف الّذي تفوّق على السّرد، وقال" لا عجب أن يُكتشف أنّ من يتخفّى بثوب القاصّ ما هو إلّا شاعرٌ وميدانه الأوّل الوصف، الوصف للحالة الشّعوريّة من جهةٍ، أو للمظاهر باختلافها، وهذا الوصف لم يكتمل إلّا بلغةٍ شاعريّةٍ تجمع بين العذوبة والقوّة، وصورٍ وأخيلةٍ تُظهر معظم عباراتها مقتطفاتٍ من قصائد شعريّة منثورة، ما أدّى طغيانه على السّرد وتنوّعه، واختفاء صوت كثيرٍ من الشّخصيّات، عدا عن غفلة الكاتب عن مراعاة لغة الحوار الّتي تتماشى مع الشّخصيّة، فنجده يُنطق الصّوت الدّاخليّ والمسموع لغيث، لذات مستوى اللّغة الّذي تتحدّث به أمّه معه، والّذي تتحدّث به بقيّة الشّخصيّات".
واعتبرت بنات ان الكاتب السّواعدة افلح في تخيّر عتباتٍ فصّلت عمله، تحلّت بالشّاعريّة والعمق، والتّكثيف واتّساع الدّلالات، منها: "يقولون إنّ الأمل مجرّد شعور لا يمكن أن يُحشد، لكنّني أراه على هيئة أنثى.." وقوله: "ربّما خُلقت المسافات لتذيب لهيب الشّوق". وبينت الناقدة أنّ هذا العمل الّذي اختزل هذه اللّغة المقطوفة من غيمةٍ، يتطلّب مزيدا من التّعمّق في نحت الشّخصيّات وإبرازها للقارئ بأبعادها كافة، كما اتّسم العمل بمحدوديّة الأحداث، وسيرها على وتيرةٍ سرديّةٍ منتظمةٍ، لنجد كثيرا من مقاطعه أقرب إلى الخاطرة الذّاتيّة الّتي تبتعد عن خصائص العمل القصصيّ، "على أنّنا لا بدّ أن نسلّم بمعضلة تداخل الأجناس الأدبيّة". ولفتت الى أنها تحبّذ بقاء العمل في إطار القصّة عوضًا عن الرّواية، على أنّه يُنبئ بتبرعم روائيّ من جذر شاعر.
بكر السواعدة شاعر وروائي عضو هيئة تدريس في الجامعة الاميركية في مادبا وعضو في كثير من الملتقيات والمنتديات الادبية ، وله ديوان شعر مطبوع بعنوان "من تحت الرماد" صادر عن وزارة الثقافة عام 2012 وديوان شعر مخطوط بعنوان "تراتيل سلام" ورواية قيد الطباعة بعنوان "أما قبل". (بترا)