القمة العربية وتطورات الأزمة السورية
أ.د.محمد طالب عبيدات
15-04-2018 12:24 AM
الضربة العسكرية التي نفّذتها الولايات المتحدة الأمريكية بالتعاون مع فرنسا وبريطانيا ضد أهداف سورية جاءت رداً على إتهام النظام السوري بإستخدامه السلاح الكيمياوي ضد المدنيين العزّل والأبرياء في دوما بالغوطة الشرقية، كما جاءت ردود الأفعال الدولية بين مؤيد ومعارض لهذه الضربات وفق مواقف الدول من تطورات الأزمة السورية والمعسكر والتوجّه الذي تنتمي إليه، لكنّها بالمجمل أجّجت الوضع في سوريا وعقّدت الحلول السلمية التي كنا نتطلّع إليها حالمين فأصبحت بعيدة المنال، والأمل معقود على القمة العربية التي ستلتئم اليوم الإثنين في مدينة الظهران بالسعودية للملمة الجراح العربية صوب التفاهم والوحدة والعمل العربي المشترك:
1. الضربة العسكرية جاءت عشية إنعقاد مؤتمر القمة العربي في دورتها العادية التاسعة والعشرين والتي سيشارك بها معظم رؤساء الدول العربية الشقيقة صوب خريطة طريق تفاهمية لترتيب البيت الداخلي العربي في خضم ملفات ساخنة وتحديات كبيرة أهمها الوحدة العربية وتنسيق المواقف والقضية الفلسطينية ومكافحة الإرهاب والأزمتين السورية واليمنية والأطماع والإعتداءات الإيرانية والتركية والإسرائيلية والنازحين والتدخلات الخارجية والخلافات العربية وغيرها.
2. القمة العربية تأتي في أصعب الظروف حيث الأطماع في أمة العرب وخيراتها من كل حدب وصوب، وحيث الأطماع الجيوسياسية والعسكرية من قبل بعض الدول التي تمتلك مشاريع لتحطيم البنى التحتية والفوقية لبعض الدول العربية التي تُغرّد خارج السرب وتعزف على أوتار ومآرب وأحلاف مصالحية يعلمها القاصي والداني!
3. القمة العربية تأتي حيث بات العرب في سفينة واحدة والأخطار القادمة تحوفهم جميعاً، ولا يمكن تجاوزها إلا إذا كانوا على قلب رجل واحد ولهم كلمة واحدة ورأي واحد ومواقف صارمة وشديدة وواضحة وعزّزوا العمل العربي المشترك وساهموا في إصلاح البيت العربي الذي بات واهناً وضعيفاً في أسوأ حالاته.
4. مؤمّل من القمة العربية أن يحل الأمل بدل الألم الذي تعانيه خاصرة الأمة، لينطلق الجميع لتحمّل الهموم وحل القضايا والأزمات العربية الماثلة داخل البيت العربي سياسياً دون حلول عسكرية التي باتت نتائجها مُحطّمة وصادمة ومُدمّرة.
5. اليوم نحن أحوج ما نكون لرأب الصدع الذي يتطلّع فيه الكل من زوايا مختلفة كمؤشر للشرذمة التي نعيش، فعلى سبيل المثال يقول البعض بأن الضربة العسكرية لسوريا مبررة وفي وقتها ومؤيدين لها لأنها جاءت رداً على جرائم النظام السوري ضد المدنيين العزّل ومُحملين النظام السوري مسؤولية خراب سوريا، بيد أن البعض الآخر يرى فيها عدواناً سافرا ومؤامرة دولية ضد سوريا ونظامها السياسي وبناها الفوقية والتحتية، وعليها نقيس في تشرذمنا في بقية الأزمات!
6. البعض يرى بأن الضربة العسكرية رسالة واضحة من المجتمع الدولي ضد إستخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، لكن البعض الآخر يرى بأن المجتمع الدولي يكيل بمكاييل عدّة في أنحاء العالم فيحدّق النظر هنا ولا يرى إنتهاكات حقوق الإنسان والإعتداءات هناك في أحداث ومواقع عدة في العالم، والبعض يراها أنها حرب عالمية ثالثة قادمة وصراعات دولية على أرض العرب.
7. أنّى كانت المواقف والتجاذبات فالشعب السوري وسوريا العربية هما الخاسران في ظل هذه الصراعات والإحتدامات، وفي كل الأزمات في إقليم الشرق الأوسط تُستخدم ثرواتنا فوق الأرض وتحتها ويُقتل أبناءنا وتُسفك دماءنا ونحن جميعاً خاسرون!
8. الأردن الدولة وقيادتنا الهاشمية وجلالة الملك دوماً مع الحلول السلمية ولغة الحوار دون إراقة للدماء ومع حل الصراعات والخلافات داخل البيت العربي، وكنّا في الأردن أول من أشّر إلى الحل السياسي الذي يضمن استقرار سوريا ووحدة أراضيها وأمن شعبها ومنعتها وقوتها دون تدخل في سيادتها على أراضيها.
بصراحة: نحتاج من القمة العربية اليوم مشروع عربي نهضوي لتعزيز العمل العربي المشترك أساسه الوحدة والتفاهم والإتفاق والحوار والخير، لتتحول آهات وصرخات وهموم وتحديات ومشاكل وآلام وتشاؤم وعداوات وأنمالية أبناء الأمة إلى آمال وطموحات وتفاؤل ومحبة وعطاء وتكافل وغيرية على سبيل نفع الجيل القادم، فلقد أنهكتنا الصراعات والحروب ومن حق المواطن العربي أن يعيش بكرامته ورفاهيته!