فلنبتعد عن الهزيمة النفسية
د.فايز الربيع
14-04-2018 02:26 AM
بعد عام (٦٧) وما سمي في أدبياتنا (بالنكسة) قرأت كتابا للمرحوم محمد جلال كشك ، عنوانه ( أخطر من النكسة) قال فيه ( ان أخطر مافي النكسة هو القبول النفسي بها واعتبارها قدرا لا يمكن الخلاص منه ، ولا يمكن تغييره )
ويقول مالك بن بني المفكر الجزائري ( ان ما هو اخطر من الاستعمار حتى ولو حل بأرض هو القبول به وعدم مقاومته أو التفكير في التخلص منه)
هما مقولتان تمثلان مدخلا لحالنا مع الغرب ومع اسرائيل ، كنّا ونحن في سن مبكره ، ننشد للجزائر ، ونخرج في مسيرات رفضا للاستعمار ليس في بلدنا فقط ، وإنما في عموم البلاد العربية . كانت فكرة الأمة وقوتها ووجوب وحدتها ، واستعادة دورها الحضاري تهيمن على أفكار الشباب ولَم يستطيع الحكام ان يخرجوا عن هذا السياق ، فكانت فكرة الأمن القومي العربي، والأحزاب القومية والإسلامية الجامعه المتجاوزة لحدود القطر الواحد.
كانت النفوس ترى الواقع حتى ولو كان مرا وتفكر بالخلاص منه لم يكن احد يجرؤ على القول بقبول الاستعمار أو القواعد الأجنبية ، ولا نتسابق لإرضاء الاخر الذى نقر في صميم أنفسنا انه لا يريد لنا الخير.
ما الذى تبدل نرجو الغرب ان يقيم قواعده في بلادنا ، ونتسابق من الذى يرضيه اكثر ، نستعين بهم على بَعضُنَا ، ان دخل الينا للاحتلال - و نحن نقترب من ذكرى سقوط بغداد على يد الأمريكان، نصفق له، و يستقبله بَعضُنَا بالورود، و هو يقصفنا بالقنابل و الطائرات يقتل مائة طفل حافظ للقرآن في أفغانستان دفعة واحدة، ولا نستنكر، تحاصر عزة، و يقتل شبابها، ولا نتحرك، بل يشجع بَعضُنَا ذلك سراً و علناً.
الهزيمة النفسية امر مرعب على واقع الأمة، و مستقبلها، ثرواتنا منهوبة و بلادنا مستباحة، نحن ملعب يتقاذفنا فيه الأعداء ككرة قدم، نصفق لمن يسجل فينا اكثر من الأهداف.
المسؤولية مشتركة بين الحكام و المحكومين للخلاص، قيل قديماً (أكلت يوم أكل الثور الأبيض)، و شبت النار في البيوت المجاورة، و لا احد يسارع إلى اطفائها، ظناً منا ان الشرر لن يطالنا، كلنا مشغولون في تدعيم سلطاتنا، و بقاءنا، بعض النظر عن النتائج، لو لا قبولنا، سراً و علناً، بالمشاريع الغربية، لما تجرأ الغرب و اليهود على الاستمرار بها.
لقد مرت الأمة عبر تاريخها بهزائم، و مصائب، و احتلال، و عندما نقرأ التاريخ نجد ان هذه الأمة بما تملك من طاقات و من سر لقوتها و إبداعها، قد تجاوزت هذه المحن، ضمن شروط و محددات تؤطر عليها عملية التغيير، الثابت في الكون، و هو تغيير يبدأ بالنفس (ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) هي سَنَن كونية لا تلوى أعناقها لبشر حتى و لو كان رسولاً من عند الله ( و لن تجد لسنة الله تحويلاً) ( تبديلاً)، و تلك الأيام نداولها بين الناس فالمداولة سنة كونية، و نحن من الناس فضلاً على اننا مسلمين.