زمان , حين كانت (البي بي سي) المصدر الأول للأخبار..(ومونتي كارلو)..إذاعة العشاق , كنا نتسمر بجانب الراديو حين يحدث أمر ما في قطر عربي...أتذكر أننا تابعنا الهجوم الإيراني على العراق , عام (1985) ويومها قالت (البي بي سي) أنهم دخلوا بعمق (5) كيلوا في الأراضي العراقية , أبي لم يقتنع وأخبرنا بأن الإعلام يكذب...وقال معلقا على الخبر ( ايخسوا).
وما زلت أذكر خبر اغتيال السادات أيضا , كنت طفلا في السادسة من العمر , وخفنا على مصر بحجم خوفنا على أحداق العيون..ما زلت أذكر , الأخبار الواردة من بيروت..كان أبي يوقف السيارة على مطل الموجب كي يسمع النشرة دون تشويش..وذات يوم , ذرف دمعة حين قالوا: أن إسرائيل على مشارف بيروت والدبابات..متأهبة لدخولها...
تغير المشهد , سوريا تذبح من الوريد للوريد..والعالم العربي مشغول بمباراة برشلونة وروما ,ثمة صواريخ تحضر الان في البوارج الأمريكية , ولا تعرف كم ستقتل انفجارتها من الناس وكم ستهدم من المباني ؟ وكم من الدماء ستسيل....وطائرات ربما حددت مساراتها..وأعطي الطيار خريطة الأهداف..ولا نعرف هل ستنفجر قنبلة رميت على عجل بجانب منزل سكني ؟..هل ستقتل شظاياها بعضا من سكانه؟
لقد أصبنا بالجمود التام , لم يعد لدينا مشاعر تستفز..أو حتى مسيرة جهز لها على عجل تنطلق ببعض الحناجر الغاضبة أو موقف رسمي..احتد قليلا وخرج عن البروتوكول..أو مذيع نشرة غلبته المشاعر فذرف دمعة حرى على الهواء..
أسوأ شيء في العالم العربي الان هو: حين تقتل المشاعر تماما ونصبح مجرد...أعين تراقب الشاشات , وتنتظر استواء (قلاية البندورة) من أجل العشاء ,بعد مشاهد الدم والذبح والدمار.
هم لم يدمروا سوريا , دمروا مشاعرنا قبل كل شيء ثم دمروا الأوطان..والسؤال الأهم , من تأهل للنهائي روما أم برشلونة؟
الرأي