عن مئوية الدولة الأردنية والتاريخ!
محمد يونس العبادي
11-04-2018 10:25 PM
بعد سنين ثلاث سنحتفل بمئوية الدولة الأردنية، ونكون حينها طوينا عشرة عقودٍ من البذل في سبيل بناء هذا الصرح الذي امتزج بنيانه الإداري والاقتصادي والاجتماعي بالإنسان الأردني، وباتت الدولة ذات هوية وروح ومنجز.
والذاكرة بعد مئةٍ عامٍ من عمر الدولة تكون مليئة بالحيوية والمقدرة على الاستحضار لتكون معيناً لأجيالٍ قادمة تتطلع إلى مئوية أخرى، وما زال هناك كثيراً من التفاصيل عن الدولة الأردنية لم تروى،ولم يأت على توثيقها أو صياغة روايتها الباحثين والأكاديميين والمشتغلين بالتاريخ برغم أن عدداً من مؤسساتنا تنبهت إلى ضرورة توثيق ذاكرة الدولة، وبينها القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، التي هي المدرسة الأولى.
إذ افتتحت القوات المسلحة مؤخراً متحف الدبابات الملكي ، وقبلها عمل عدد من منتسبيها على إعادة ترميم صرح الشهيد، فضلاً عن الصروح التي شيدتها في عددٍ من الميادين، ليبقى الوجدان الأردني متقداً بالوفاء لذكريات كثيرة من التضحيات.
ولكن، باقي مؤسسات الدولة ما زال عملها لم يلج مجالاتٍ كثير منها ما زالت بكراً إذ لم تصل لها أدمغة المفكرين ولم تتلق وثائقها السواعد.
أذكر حين كنت المسؤول الأول في المكتبة الوطنية منذ عامين عكفنا على إصدار سلسلة من كتب الأوائل التي أصلت للإنسان الذي شارك في بناء الدولة، ولم تأت عليها حركة التوثيق التاريخي التي أشبعت مجالات وأهملت أخرى.
وأصدرنا حينها عن المكتبة الوطنية كتاب " أول مئة موظفٍ في الدولة الأردنية " ثم " أول مئة معلمٍ في الأردن"، بالاضافة إلى " الهاشميون والقدس" وهي جزء من سلسلة جاءت باتفاقٍ مع جامعة العلوم الإسلامية، ونجم عن هذا العمل توثيق جاءت عديد من جوانبه لأول مرة، إذ أستعرض دور الإنسان الأردني في التأسيس ووضعت مداميك تؤصل للدور الأردني حيال القدس.
ولكن، ما زالت هناك كثير من جوانب التاريخ الأردني خاصة في أبعاده الإدارية والانسانية لم توثق بعد، وبرغم كثرة الأكاديميين الا أننا ما زلنا نعاني من قلة الباحثين المدركين لأولويات البحث العميق المبني على نتائج يستفاد منها.
كما أن وجود الاف الوثائق في المكتبة الوطنية لم تصل إليها أياد الباحثين بعد فضلاً عن مئات الصور يعني أننا ما زلنا لم نرتق بعد إلى مستوى مناسبة مئوية الدولة.
وعلاوة على ذلك فوجود بعض القصور في الرؤية حيال التاريخ الناتج عن ارتهان البعض لقيود المنهجية والدوران في ذات المراجع دون الالتفات إلى المصادر أضعف من الجهود الرامية إلى بناء رواية الدولة وصياغتها.
فالأردن نجح بفضل قيادته بتجاوز منعطفاتٍ تاريخية، كما تمكن مؤسسوه من تشييد بنيانه على قاعدة مقدرته على التجديد وإعادة الانتاج والمواكبة، لذا من حق الأجيال القادمة وجود مؤرخ حصيف وباحث واع ومدرك، فالحكمة تقول : إنه عندما يجري النهر نحو البحر فإنه يكون مخلصا لنبعه ... !