وان ضاقت الدنيا فلي اتساع الحلم
لكنها لحظات فصلت الحلم عن الواقع..لحظات كأنها عمر!
ثوان لا تحمل الا ذوبان الشمع فوق الورق ..تحسست فيها وجهها في مرآة الكلام بعد وقت متعب من الانتظار، كان كل شيء فيه يشبهها ولا تشبه شيئا فيها.
صوت اغنية يصدح من بعيد ويدق ابواب الروح، رعشة على اطراف النافذة تبحث عن دفء تطلب الدخول ولا يؤذن لها، وخيال يترنح بين بين..(ترى أمررت في باله بعد كل ذلك الوقت الطويل، أيسكنه حزن ويحتل شرايين اللهفة في جسده، أيسال عني منذ توادعنا عند اندهاش الزاوية التي فصلتنا أقصى يمين الحياة؟).
قلوب متعبة وذاكرة تمحي وتكتب ثم تمحي..وقت بطيء و»تكات» ساعة تأكل من الوحدة نصيب، متعبة الروح حد الموت، نعم..فالفراغ يوازي الموت للأحياء..والقلب مدمج بالوحشة مُحَنىّ بتعب التفكير، والبرد يزلزل هشاشة الفؤاد ويوشوش في أذنيه قاوم، قاوم حتى تظل شغفا فالاستثناء لا يمنح الا الاستثناء، وبرغم اليُبس تستمر الحياة في مدينة الغُيّاب تبحث عن كف منسي في شوارع اسمها اشتياق..
مجنونة انت وتموتين بتجزؤ، تموتين من الكبرياء والصمت والاحتياج ويأكلك الانسحاب وانت تتظاهرين بالقوة فيشيخ الصبر ويموت الفرح ولا نشعر. تخرجين ولا تودين مغادرة العتبة. فأنت متجذّرة بالحنين للمرفأ، بريق العينين يسكنك وطعم المطر يترجم ذبذبات اللغات فوق الشفاه..وكأنك مهرجان كلما اشتدت الظلمات عودك صار ياسمينة.
التفاصيل مرهقة والأحزان قلعة، والجرح خرج ولم يعد وما زال على ذمة انفراج الكلمات، فماذا لوسرق الوقت شهيتنا للجنون، في حين وحدها الحروف من تبقى اكثر دفئا ونورا وتقاوم مزاج الحماقات. لا مفر ومرغمون نحن بقصد.. بغير قصد ان نرتشف بعفوية الحزن ونهرول به في متاهات الحياة التي هيمنت على الوجوه في عالم قاس يعتقل الفرح لنألف الخوف والغربة.
(يبقى يعلمنا الحزن ان الكتابة قطعة منا تسقط في أزقة الخواطر وتغوص بالحبر الأزرق وتمشي في العتمة، بعض الدهشة أنين قلم وبعضها الآخر أنشودة ذكرى، وفي دفاتر السنين يسجلون ميلادنا وموتنا، وفي دفاتر الايام نرقّم أفراحنا وأتراحنا ونمضي من جديد كمدن بلا ذاكرة على قيد انتظار نعزز به احلامنا البريئة.. يروضنا على ادراج ازدحام الوقت وليبقى كل شيء جميل مجرد قرع في طبول الذاكرة).
الدستور