الضمان الاجتماعي وسؤال الشفافية في التعيين!
د. زيد نوايسة
08-04-2018 01:20 PM
عمون - بشغور موقع مدير عام الضمان الاجتماعي بانتهاء عقد المديرة الحالية لبلوغ السن القانوني تكون الحكومة مرة جديدة امام سؤال الشفافية في تعيين موظفي الفئة العليا والى أي مدى تلتزم الحكومة أولا بالآليات المتبعة في التعيينات تجنبا للشبهات والاتهامات، وليس سراً القول أن الحكومة تواجه موجة عارمة من النقد في كثير من التعيينات وتجاوز النظام الذي أقرته الحكومة السابقة وهو نظام تعيين الوظائف القيادية رقم (3) لسنة 2013 وتعديلاتها 2013، والذي ينص على ضرورة اعلان الوظيفة القيادية الشاغرة على موقع رئاسة الوزراء وفي صحيفة يومية واحده لمدة أسبوع واحد وان يتم اجراء مقابله فيمن تتوافر فيهم الشروط الإدارية والفنية.
بالرغم من أن الاعتقاد السائد أن هذا الأجراء شكلي وأن القرار يكون متخذ سابقاً وأن ما يريده الوزير المعني هو ما يقرر وأن أعضاء اللجنة دورهم برتوكولي لا أكثر ولا أقل ولكن مع ذلك كان هذا جوابا للمشككين بشفافية الحكومة التي لا تكف ليلا نهارا عن الحديث عنها لدرجة أننا صرنا نتخيل أننا شعب شفاف على الاخر وعلى وشك الذوبان من الشفافية؛ ومع ذلك قررت الحكومة التي تطالب الناس بالالتزام بالقوانين والأنظمة والتعليمات أن لا تلتزم هي بالنظام ذاته والذي أعتبرته حكومة الدكتور عبد الله النسور ووزير تطوير القطاع العام السابق الدكتور أخليف الخوالده "فتحاً أداريا مبيناً"، سيحقق العدالة في جهاز الإدارة العامة الأردني، لكن التعيين في العديد من المواقع القيادية استمر دون حتى إعلان وما أن يحال شاغر الوظيفة للتقاعد حتى تسمع بقرار مجلس الوزراء بتعيين خلفه وكنت أعتقد أن الحكومة وهي تدرك أن لديها العديد من الأدوات والآليات لتمرير ما تريده أن لا تلجأ لهذا الأسلوب فهناك طرق لأخراج الأمر، بل أن تسريب أسم الشخص البديل يكون حتى قبل الإحالة في الأصل كما هو الحاصل هذه الأيام.
هناك مؤسسات في الدولة تستدعي من صاحب القرار في الحكومة التريث قبل التسرع في اتخاذ قرار تعيين مديراً لها لأن المسألة ليست تعبئة شاغر فقط وكفى الله المؤمنين القتال بل أن طبيعة المهام والمسؤوليات التي تقع على إدارة هذا الموقع يستدعي توافر شروط مهنية وفنية وأكاديمية محددة ولعل أهم وأخطر هذه المواقع هو مدير عام مؤسسة الضمان الاجتماعي التي تعتبر المؤسسة المؤتمنة على مدخرات الأردنيين والخزان المالي الكبير الذي يستدعي أولاً وقبل كل شيء وجود مدير يملك قدرات وخبرات في العلوم الأكتوارية قادر على التعامل فنياً ورياضياً مع الالتزامات التي ستترتب على المؤسسة لأحقاً، وأعتقد أن مسألة توافر شخص أكتواري ليست مسألة من السهولة بمكان ذلك أن هذا التخصص يحتاج لإمكانيات علمية هائلة في مجال علوم الأحصاء والاحتمال والرياضيات والجوانب المالية بشكل عام، ولعل المصادفه أن أول اكتواري أردني حاصل على أعلى شهادة زمالة من معهد الأكتورايين الأمريكي هو اليوم أحد مساعدي مدير عام الضمان ومن المؤسف أن يتم تجاهل خبراته هو وزملاءه وهم الأقدر على قراءة واقع مؤسسة بحجم الضمان الاجتماعي والتحديات التي تواجهها وتواجه الحكومة وسهام الاتهام والتشكيك تواجهها في مسألة أموال الضمان واستثماراته.
إذا كان هناك جدية وشفافية في التعامل مع تعيين مدير عام الضمان الاجتماعي على الحكومة أن تضع معايير وأسس مهنية وإدارية متخصصة تعطي الحق لكل من يجد في نفسه الكفاءة وخصوصا من الكفاءات الموجودة في المؤسسة نفسها ومن يملك قدرات فنية وأكتوارية حتى تخرج من دائرة الاتهام والتشكيك وتثبت أنها تسلك سلوك منهجي وشفاف فعلا وما عدا ذلك فأنها تبيع الوهم وتسلك سلوك الترضيات والذي لا أعتقد أنه يلائم بلدنا في هذا الظرف، فموقع كموقع مدير الضمان الاجتماعي موقع سيادي لا يقل أهمية عن موقع وزارة الداخلية والخارجية لأن مستقبل الناس أمانة بين القائمين عليه وستكون الأعباء كارثية في حال عدم وجود إدارة كفؤة، لقد استشعرت حكومة الدكتور معروف البخيت الأولى بأن الترياق لمعضلة الضمان هي احضار خبير من البنك الدولي فتم احضار الدكتور عمر الرزاز وبعده رأت حكومة سمير الرفاعي الأولى أن مدير عام مكتب الرئيس هو الأنسب فتم تعيينه ولكن حكومة الدكتور فايز الطراونة تعاملت مع أبناء المؤسسة ذاتها واختارت واحده من كفاءات المؤسسة فتم تعيينها مديرا عاما ولا أحد يملك أن ينكر نجاحها، المأمول من أن تأخذ الحكومة هذا الأمر بعين الاعتبار فهي أحوج ما تكون لتعزيز ثقة الناس فيها وتعزيز مفهوم الانتماء لدى الموظف العام عندما يشعر أن حقه في المنافسة والتقدم الوظيفي محمي بإرادة حكومية وان لكل مجتهد نصيب، وان الترضيات قد تكون في مواقع أخرى وليس في مؤسسة حساسة جدا كمؤسسة الضمان الاجتماعي.