"الكرسي وليس المواطن أغلى ما نملك"
المهندس موسى عوني الساكت
06-04-2018 10:15 AM
ما زالت المناصب عندنا صاحبة مكانة اجتماعية واقتصادية، لا مسؤولية أخلاقية وتشمير ساعد.
وما زالت الكرسي ذات ألق تضيء بعيني صاحبها وتلمع. وهذه محنتنا الكبرى.
إن أردت خض تجربة الاتصال برقم هاتف اعتدت الاتصال به دوما، قبل أن يلصق بالكراسي، فسيأتيك الرد: "صاحب الرقم صار مسؤولا الرجاء لا تحاول الاتصال مرة أخرى". أليس هذا ما اعتدنا عليه من مسؤولينا إلا من رحم ربي.
وكأن أول إجراء يقوم به صاحبنا بعد التعيين هو طرح رقم هاتفه جانبا، واستبداله برقم آخر، أو اعطاء هاتفه يوم كان "مواطنا" الى من سيصبح مرافقه، فهو مسؤول الان، وليس معقولا أن يهاتفه أي ٍكان كلما أراد.
لقد أصبحت الكراسي هدفاً وغاية، وليس خدمة وطن ورعاية مواطن، والشواهد على ذلك متعددة الأمثلة، حتى كأنها لا تكاد تُحصى. ومن أعضاء مجلس النواب وكثير من المسؤولين نماذج يدركها الناس جيداً ويتحدثوا عنها.
ما يدعو للقلق أكثر ليس هذا وحسب، بل في ألفة الناس لهذا النمط من ممارسة المسؤولين، واستسلامهم لهذه الظاهرة، وكأنهم من كثرة ابتعاد المسؤول عنهم فهموا أن "المسؤول" يتحول الى منصب "طبقي"، كلما ارتفع كرسيه درجة وارتقى، ابتعد عن الناس أكثر وأكثر.
لم يعد يرى المواطن في المسؤول خادماً، ولا في كرسيه مصلحة وطنية تنهض بالوطن وتسهر على رعاية مصالحه العليا، بل منصباً يعني جاهاً شخصياً ومالا "من حيث يحتسب"، لهذا صاروا – أعني المواطنين - يتسابقون في "جلب" المسؤولين في المناسبات الاجتماعية، كواجهات رمزية، تعني أن صاحب هذه المناسبة ذو شأن.
كلما جاء أحدهم بمسؤول أو مسؤولين من علية المناصب والكراسي كان يعني هذا انه هو الآخر صاحب جاه!
نحن بحاجة إلى ثقافة جديدة، تنهض بعقل المجتمع – مواطن ومسؤول – وتقول لكل المجتمع: إن المسؤولية ليست جاهاً، بل تكاد تكون "ورطة"، وأن المسؤول هو خادم وطن ومواطن بكل ما تعنيه الكلمة من معنى!