لم تعد تمتلك القدرة على علاقات جديدة ، ولا تقوى على الاستمرار بعلاقاتها القديمة.
هي حالة استثنائية بين الواقع والخيال بين واقع لم يعد يرضيها وبين خيال لعلاقات اجمل وانقى واكثر صدقا.
هي كغيرها من البشر يعيشون من تجارب الحياة يتعلمون من البشر كيف يمكن ان يكون شكل العلاقات الانسانية
لكنها مختلفة بصدقها بثقتها التي تمنحها لمن تحب في زمن لم يعد بها الصدق مفتاح القلوب ولم تعد الثقة تجلب لنا سوى الخذلان .
ارادت لنفسها ان ترتاح ان تستنشق للمرة الاولى معاني الوحدة بابتعادها عن الجميع عمن جمعتها معهم علاقات تختلف مسمياتها من صداقات الى علاقات تفرضها عليها الحياة ولا تكون بخيارها لتشعر بانها اليوم بابتعادها هذا هي اكثر نضجا واكثر وعيا لطبيعة العلاقات في هذا الزمن بالرغم من وحدتها.
كيف كان يمكن لها ان تختار بين الاستمرار وهي تستنزف كل يوم من الاخرين من محاولاتها للابقاء على وجودهم بالوقوف امام تعبها منهم وعدم الابتعاد بالرغم من شعورها بانها لم تنصف ولم يتمكنوا من استيعابها بل كان يمرون على جروحها ووجودها ليشعروا هم بالرضا لما تمنحه لهم.
كيف يمكن لهم ان يستوعبوا هذا القدر الكبير من الصدق .... هذا القدر من الاخلاص من منحهم الحب باجمل صوره من البقاء بجانبهم وقت ضعفهم وحاجتهم لها من ان يكونوا دوما لها كل شيء وتكون هي لهم محطة يستبدلونها بمحطة اخرى ليمضوا كما بدأوا في اول مرة ....
لم تعد تعينها وحدتها فالوحدة ليست كما يقال عنها دوما بانها الم للانسان هي بمثابة جمال العلاقات النقية.
بمثابة الوجوه التي احببناها ومنحناها كل شيء ان كانت تمنحنا الصفاء الداخلي وتنقلنا من زيف العلاقات الى ما كنا نفتقده دوما بوجودهم بحياتنا ....
لم تكن تريد الرحيل عنهم والابتعاد لكنها لم تعد تقوى على الخذلان لم تعد تجد بهم ما يشعرها بدفء العلاقات بتلك المشاعر التي تنتابنا عند الجلوس مع من نحب ومع من كنا نعتقد بانهم الاقرب والاكثر قربا من القلب والوجدان فاذن لماذا تستمر في ارهاق ذاتها وتحليلها عبأ اخر يضاف لحياتها.
هي ترى ان الانسان يبحث دوما عن العلاقات الانسانية لانه لا يستطيع ان يحيا وحيدا لانه بحاجة لوجود الاخرين بايامه يحتاج لوجود الاصدقاء ولمن يملكون قلوباً نقية صادقة ان لم تؤلمنا فهي تستوعبنا بكل حالتنا لكنها لم تعد تمتلك القدرة على البقاء وهي كلما اغلقت بابا بحياتها لم يكونوا بانتظارها ليساعدوها على ان تبقي نوافذها مشرعة لهم....
هي اليوم تعيد حساباتها من جديد مع الاخرين تتريث قليلا في العطاء في الصدق كي لا تصاب بخيبات جديدة لم تعد تقوى عليها ....
هي اليوم تدرك جيدا ان ابتعادها عن الاخرين قد لا يمنحها فرصة جديدة للعودة .... فالاخرون هم ايضا لم يعد يملكون القدرة على فهم الاخرين واستيعابهم وملامسة جروحهم والانتظار في مساحة من العمر ليعودوا ولكنها رغم ذلك ابتعدت .... ففي الابتعاد نكون قادرين على رؤية الاخرين كما هم .
وبالاقتراب لا نتمكن من رؤيتهم كما هم لاننا نكون مستغرقين بهم نعيش ايامنا معهم نبحث دوما عن تبريرات لهم ليس امام اخطائهم فكل البشر يخطئون لكنها تبريرات امام عجزهم ان يكونوا صادقين ان يكونوا اكثر دفئا اكثر محبة اكثر قدرة على فهمنا لايجاد مساحة لنا ولهم للاستمرار والابقاء على شيء كان يوما ما .
كلما ابتعدنا كلما حملنا الابتعاد الى انفسنا اكثر لنصبح اكثر قوة وتماسكا للرحيل دون ان يستوقفنا حنين ولا ملامحهم التي لطالما احببناها ولنفوسهم التي لم نكن فيها سوى سحابة ومضت وكما كانت هي وفية بعلاقاتها كان رحيلها ايضا كذلك .
كان الصدق ايضا رفيقها حتى بانتهاء كل ما جمعها معهم ، فالابتعاد عمن نحبهم لا يعني ان نجرحهم ونؤلمهم ونحاسبهم على عدم قدرتهم ان يكونوا صادقين كما يجب ويكونوا اكثر وفاءا لنا فهذا جزء منهم من رؤيتهم لعلاقاتهم مع الاخرين نحن فقط كل ما نفعله ان نقبل او نرفض الاستمرار فتغير البشر ليكونوا اكثر جمالية يمتلكون القدرة على المحافظة على مساحات «للصدق» والاخلاص بعيدا عن خذلان الاخرين ليست وصفة نمتلكها في كل زمان ومكان ولا يمكننا ان نعيدها الى ايامهم لنحتفظ بهم لاننا احببناهم.
فكل ما نملكه نحن ان نمضي ونغلق ابواب القلب الذي لم يعد يقوى على علاقات جديدة ولا استعادة من رحلوا بخيارنا نحن .... لتبقى بالذاكرة صور البدايات حين لم نكن نعلم من هم ولم نكتشف بعد كيف كانوا بارعين في تعبنا واستنزاف كل قوانا لابقائهم بايامنا .
= لحظة صدق .
من يحبنا لا يؤمن برحيلنا!
لا يترك لنا خيار الابتعاد !
من يحبنا؛ يرى بخسارتنا انكساراً للقلب وتعباً للنفس ومحاولات عبثية للتعويض لن تجد لها مرفأ بايامه فهناك وجوه لا تتكرر وقلوب لا بديل لها ونفوس لن يمنحنا احد صدقها ونقاءها طوال العمر ....
الرأي