بعيداً عما نتداوله بشكلٍ يوميٍ من همومٍ نتحدث فيها عن الشأن العام بدءاً بأزمتنا المالية وتلك الضائقة التي تلم بنا منذ سنين، علاوة على ملفات كبرى نحاول التخفيف من وطأتها، ترى أن همومنا الوطنية تكاد لا تشبه هموم أي دولة عربية !
فنحن في معطيات المحليات مثقلون، وفي معطيات المنطقة نحن أمام سيل ما تلبث أمواجه أن تهدأ حتى تعود من جديد وبوطأة أكبر.
ففي الزمان المفتوح وفضاء الثرثرة، لا تكاد ترى حولك في المنطقة شيئاً متزناً، ويكاد الأردن وهو يمسك بزمام الوسطية حيال أشقائه والحال العربي كمن يواجه زمناً غريباً.
فالوجدان العربي لم يعد في كثير من جوانبه كما قبل، بل بات وجداناً ممزقاً، مليء بالضوضاء، والمزايدات المهرولة عكساً، باتت تشوب كل شيء !
فلعقود مضت والثوابت لفلسطين هي أربع : الدولة واللاجئين والتعويضات والقدس، بينما باتت المتغيرات تشي وكأن الرمال تتحرك باضطراب، في عناوين تحمل " صفقة القرن" تحاول إشعال نيرٍ جديدٍ من الفوضى تخالف التاريخ والجغرافيا والثوابت.
وهذا الزخم الإعلامي في الحديث عنها، الذي تشعر في كثير من تسريباته أنه يزيدك توتراً ويسثيرك لتتأمل همومنا الوطنية القديمة الجديدة، بدءاً من سؤال مرسوم بالقلق عن الهوية الوطنية ، مروراً بالدور، والتصدي لأدوار تتموضع خفية وعلناً !
من حق الأردني اليوم أن يسأل عن همومه الكبيرة في الزمان المتماهي ضغراً أيضاً، ومن حق الوطن علينا أن نمنحه بعضاً من الهدوء ليعبر بنا الزمن الصعب.
فالأردن ليس كأي دولة في الاقليم، فهو وطن المفارقات العظيمة الذي يخالف حسابات من يريدون به شراً ، إذ هو فقير الموارد ولا تعجزه الفلوس، وفريد من نوعه في صناعة النخبة وقت الحاجة، وما يسوقه البعض عن ضعف بلدنا على علل الزمن العربي ليس إلا بعض محاولات غير بريئة، وما يرشح عن شيء على حسابنا هو أحلام وأدها وطن كتب عنه في يوم أحد السفراء أنه " على الحافة" ، فالزوايا أهم أماكن البنيان !
حمى الله الأردن