"محمد .. كالزيتون مُخضراً "
عروبة الحباشنة
04-04-2018 01:10 PM
"فإن أسباب
الوفاة كثيرةٌ من بينها وجع الحياة
سألتُ نفسي: هل يرانا أم يرى
عَدَماً ويأسفُ للنهاية؟ كنت أعلم أنه
لن يفتح النَّعشَ المُغَطَّى بالبنفسج كي
يُودِّعَنا ويشكرنا ويهمسَ بالحقيقة
( ما الحقيقة؟)
رُبَّما هُوَ مثلنا في هذه
الساعات يطوي ظلَّهُ. لكنَّهُ هُوَ وحده
الشخصُ الذي لم يَبْكِ في هذا الصباح،
ولم يَرَ الموت المحلِّقَ فوقنا كالصقر
فالاحياء هم أَبناءُ عَمِّ الموت، والموتى
نيام هادئون وهادئون وهادئون ..."
بوقتٍ تعتاش غالبية البشرية على فتات المروءة ، وهزيمة الوطن ، والاستسلام المُخزي لمستنقع الفشل الحكومي ، والخنوع الخاوي من الكرامة أمام الجرح العربي ، كان د. محمد الحباشنة رحمهُ الله فارسا لا يعرف الردة من جموح الضاد في لغتنا العربية ، ولم يكن إلا رجلاً يجابه الأوغاد مُطلقا من سلاسل الغباء والدهاء مُمتلىءٌ بالعزةِ .
لم يترك الحياة بطريقة العابرون ، أو المارق خلسة لكسب منصب في الدولة على مبدأ طأطأة الرأس ، لقد عاش رافع الرأس شامخاً فوق جبال مؤاب ، عربيا أردنيا كركيا حد النُخاع.
أعتقد لا بل ولِزاما أن ذكرى تاريخ رحيلك لهذا اليوم في إبريل الخريف ، لم يكن عبثا ، الله العظيم الحكيم قطفك كالوردة وبقي عِطرك الأخاذ في أنفاسنا وأحلامنا وأشواقنا ... حتى اوراقنا وما بين السطور والروح حيث تقطن "أنت".
ماذا سأخبرك اليوم أمام قبرك في راكين الصامدة رغم الضنك ، هل أخبرك أننا نشتاقك بحجم الحب في الكتب المُقدسة والتي لم يفهم مضمونها العرب ، هل أخبرك أن فلسطين التي عشقتها تضيع تحت هوادة بسطار المستعمر ، وأن العراق في أردى أيامهِ ، والشام تحتضر أمام نصر الياسمين!
سأخبرك عن حكاية الوفاء في جبين زوجتك عصمت ،الانسانه التي لم تترك ذكراك يوما ، وأن إختيارك لها كان قدرا سخيا من الله لك ولهيبتك ، إنها إمرأة عظيمة أنت فارسها ومُخلصة رغم جور الزمن لا بل وجبروت البشر .
أُرثي العمر بهذا اليوم ، عزائي مآثرك وشرف سمعتك ومواقفك وكل استثناءٍ كنت به على حق والآخرون المترفون بالعار على باطل.
د.محمد الحباشنة ، فالترقد روحك بسلام ، فالعالم فوضى والوطن ضجيجٌ يستبيحُ الجمال ، يستبيحُ النخيلَ العريق .
ابنة أخيك وتلميذتُك .. عروبة معن..