عاقب مسلمًا وخذ جائزةً .. !
ابراهيم عبدالمجيد القيسي
04-04-2018 01:18 AM
إلى هذا الحدّ وصلت العنصرية ضد المسلمين والتطرف بحقهم في المجتمعات الأوروبية، اذ وبعد قيام عنصريين بريطانيين بإطلاق حملة «عاقب مسلمًا» قامت الشرطة البريطانية بنشر التطمينات لمواطنيها من المسلمين الذي هم «أقلية» في المجتمع البريطاني، وعددهم 8ر2 مليون ويشكلون حوالي 2% من عدد السكان في انجلترا.
أكتب هذه المقالة صبيحة 3 نيسان الجاري، وهو موعد اطلاق الحملة ولست أعلم كم انجليزيا أو غيره سيحوز على جوائز جراء أذيته للناس بسبب اعتقاداتهم.
الدعوة العنصرية المتطرفة تصدر عن مواطنين في دولة «متحضرة»..أو هكذا يقولون، وتكتفي هذه الدولة بتوجيه التطمينات لمواطنيها، علما أنها يمكنها تتبع كل الرسائل التي تصل للناس، ليعرفوا مصادرها، ويقوموا باعتقالهم وإسناد تهم إليهم من نوع «الحض والتحضير للقيام بأعمال إرهابية» و «تقويض أمن الدولة» و» بث روح الكراهية والعنف» و «تهديد الأمن والسلم المجتمعي» و «الاعتداء على دور العبادة» و «استهداف الوحدة الوطنية»..
وهناك منظومة أخرى من الجرائم المتعلقة بحقوق الانسان والحريات والديمقراطية ..الخ ..السلسلة التي نعرفها كعرب، ونقرأ يوميا أخبارا عن متهمين ببعضها ونقف جميعا ضدهم باعتبارهم أعداء يقفون ضد جبهتنا في الحرب على الإرهاب.
السؤال في عالمنا العربي والاسلامي، يتقصى ردة الفعل الرسمية وموقف الدول العربية والاسلامية من هذه الحملة العنصرية المتطرفة التي تجري في بريطانيا العظمى؟.
مستوى التطرف والارهاب ضد المسلمين أصبح ممنهجا في الغرب، بل يمكن اعتباره نمطا من التفكير والتعبير، فهو يحدث جهارا نهارا وبأساليب عادية تتجاوز الدعوات السرية..
فالرسائل المرسلة تحت شعار «عاقب مسلما» تتضمن حوافز تشجيعية كغيرها من المسابقات، حيث وضعت الرسالة نظام نقاط معينة لإلحاق الأذى بالمسلمين، بينها أن من يقوم باعتداء لفظي سيحصل على 10 نقاط، ومن يلقي مادة حارقة على وجه مسلم يحصل على 50 نقطة، ومن يفجر أو يحرق مسجداً سيحصل على ألف نقطة.
ووعدت الرسائل بجوائز لمن يعتدي على المسلمين من قبيل حرقهم بالمواد الحارقة، أو قتلهم، أو ذبحهم، أو إضرام نار في مسجد، دون ان تكشف الشرطة هوية المتطرفين «مواطني الدولة المتحضرة».
هذه الحملة استفوتني شخصيا وخصوصا التعامل البريطاني الرسمي معها،.. وقياسا : «كيف سيكون موقف سائر الناس العرب والمسلمين من هذه الحملة؟ وما هي حدود الثقة المتوقعة حول جدية الغرب والشرق والوسط وكل الدنيا في محاربة التطرف والارهاب؟ .
في الأردن؛ تنطلق حملات معاكسة تماما لمثل هذه الحملات العنصرية المتطرفة الداعية الى تفشي الإرهاب بين أتباع الديانات المختلفة، ويتم تعظيم وتمتين أواصر العلاقات العائلية الاجتماعية التي لم تكن يوما محل تهديد أو فوضى، فلا فرق بين مسلم ومسيحي أو حتى إلحادي لا يعتقد بدين سماوي ولا أرضي،..
وكم من مرة سمعنا وقرأنا وتعاملنا مع رواد وأعضاء ونشطاء أردنيين انخرطوا بحملات من نوع « تنظيف مسجد او كنيسة او جمع تبرعات لهما من قبل جميع المواطنين، حتى المقابر طالتها حملات جميلة يقوم بها كل المواطنين من الشباب وسائر الفئات، وتنامت في السنوات الأخيرة ثقافة تعبيرية متحضرة في مجتمعنا الأردني، حيث يشرع الشباب والكبار والصغار بالحديث عن متانة العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في الأردن، وتتعالى الأصوات الجميلة لإحياء الأعياد والمناسبات الدينية والمشاركة فيها من الجميع.
وفي هذه المناسبة أترحم أولا على أبي أشرف «اسبير الزريقات» وأدعو له بالمجد والخلود، الذي وافته المنية قبل أسبوع في أمريكا، وتم جلب جثمانه الى الأردن وشيع الى مثواه الأخير بعد أن تمت مراسم القداس في كنيسة الروم الأرثوذوكس في قريتنا «الربة»، فروحه الوفية لم تقبل موطنا لرفاته سوى تراب الأردن الطهور، وثانيا أقدم التهنئة لكل إخوتي وأخواتي المواطنين الأردنيين لا سيما الزريقات بمناسبة عيد الشعانين، وأتمنى لو تنطلق حملة أردنية من نوع «أولم لمسيحي اردني» أو «كافىء مسيحيا أردنيا» لأن هذه هي حدود علمنا وردودنا على التمييز بين مواطني الدولة الواحدة بسبب دياناتهم.
يجب أن نشجب وبأغلظ العبارات ومصطلحات الاستهجان مثل هذه الحملات المتطرفة ضد الناس ومعتقداتهم، ونبدي للغرب ولبريطانيا وغيرها، حجم التماسك الاجتماعي والوطني بين مجتمعنا الذي نصنفه بأنه عائلة كبيرة تراثها التكافل والتراحم والتعاون على خير الحياة.
ibqaisi@gmail.com.
الدستور.