بـريــق أمـــل بخصـوص الأخطــاء الطبيــــة
د.فايز ابو حميدان
03-04-2018 04:15 PM
وافق مجلس النواب على انشاء صندوق تأمين ضد الأخطاء الطبية لدى المجلس الصحي العالي على ان يتم سن قانون جديد لكيفية إدارة التعامل مع هذا الصندوق وبهذا يكون قد قُطِعَ الطريق على الشركات الخاصة من محاولة استغلال الطبيب ، والمحافظة بهذه الطريقة على الحقوق المالية للمريض وذويه من قبل جهة تشرف عليها جهات محايدة وحكومية وبهذا سوف يصبح قبول النقابات المهنية والجسم الطبي لقانون المسائلة الطبية سهلاً ، وستفقد بعض الجهات وخاصة الأجنبية حجة تقنين السياحة العلاجية في الأردن بسبب عدم وجود قانون للمسائلة الطبية . فهذا الصندوق لا يقتصر على متضرري الأخطاء الطبية، ولا يخدم مصالح المريض وذويه فحسب بل يخدم المؤسسات الطبية والأطبــاء أيضاً.
الأخطاء في المجال الطبي ناتجة احياناً عن اهمال أو عدم وجود خبرة وكفاءة كافية لدى الكادر الطبي من أطباء وممرضين وقابلات وبعض الفنيين أو نتيجة مضاعفات لاستخدام وتجربة عقاقير او معدات طبية. وهذه الأخطاء موجودة في كل العالم وحتى في الدول التي تتقدم علينا في المجال الطبي والصحي، فعدد الوفيات السنوي في أمريكا بسبب الأخطاء الطبية يزيد عن 100 ألف حالة، كما ان التكاليف المترتبة على علاج الامراض والمضاعفات الناتجة عن الأخطاء الطبية لتعويض الطرف المتضرر عالية جداً ويتم تقديرها وفقـــاً لحجم الضرر المادي والمعنوي الواقـــع عليه والتي قد تصل الى عدة مليارات سنوياً. فالأخطاء الطبية قد تؤدي الى جانب الإعاقة الدائمة او العلاج طويل الأمد الى الموت.
وهناك أنواع متعددة للأخطاء الطبية منها: الأخطاء التنظيمية أو العلاجية أو التشخيصية أو الاخطاء الوقائية، ولهذا التوزيع أهمية كبيرة تكمُن في إمكانية تحديد الشخص الذي ارتكب الخطأ، وتأثير هذا الخطأ على المريض، وتأثير نوعية التشخيص والعلاج اللاحق وعلاقتهما بالخطأ. كما ويوجد أيضاً أخطاء متعمدة يُحاكم أصحابها في المحاكم الجزائية وليس النظامية كإعطاء المرضى أدوية مضرة أو اتخاذ إجراءات طبية ضارة أو حرمان المريض من بعض الإجراءات الضرورية بشكل متعمد يؤدي الى الحاق الضرر به أو وفاته ولهذا امثلة متعددة.
إن ادخال أنظمة الجودة في المستشفيات وسن قوانين مراقبة ومتابعة من قبل الجهات المسؤولة قد حد في الفترة السابقة من حدوث الكثير من الأخطاء الطبية، بل أصبح من الضروري اعتماد سجلات حكومية لجرد الأخطاء واسبابها وتعميم ذلك على الكوادر الطبية والمجتمع من أجل زيادة الوعي لأهمية التعامل مع الأخطاء الطبية. كما ان أساليب التعويض للمرضى قد خففت كاهل العناء لدى المريض وشركات التأمين الصحي والتي كانت تتكبد مصاريف هذه الاخطاء.
ومن الجدير بالذكر أخيراً التنويه الى مسألة غاية في الأهمية وهي ان الكادر الطبي بريء حتى تتم إدانته، وذلك بعد دراسة الخطأ الطبي من قبل لجــان متخصصة وحيادية تشكلها المحاكم بالتعاون مع وزارة الصحة والمؤسسات النقابية بحيث تقوم بمراعاة كافة الجوانب الفنية للقضية ومن ثم اتخاذ القرار النهائي بثبوت الخطأ الطبي أو عدم وجوده. وان قيام الجهات الأمنية في بلادنا باعتقال الطبيب قبل صدور قرار قطعي من المحكمة بإدانته بذريعة الحجز الاحترازي هو امر غير مبرر وبه إساءة واضحة للطبيب والمؤسسات الصحية دون وجه حق، ومن جانبٍ آخر فإن الانكار المطلق من قبل المؤسسات الصحية للأخطاء الطبية دون العودة للمريض ومراجعة الإجراءات الطبية التي تمت وعدم انتهاج الشفافية في تحليل الأمور من قبل المؤسسات الطبية قد يوّلد لدى المريض نوع من الشك يجعله يتمسك بالحق القانوني فكثير من الأخطاء يمكن معالجتها بالاعتذار وتدارك الأمور والمصداقية مع المريض وذويه.