في الشهور الاخيرة شهدت الاردن حركة سياحية كبيرة، لم يكن للإعلام الأردني فضل فيها، بكافة مؤسساته ولا لوزارة السياحة ولا هيئة تنشيط السياحة، بل كانت لكاميرا بسيطة لسائح سعودي، وهي لا تساوي شيئا في ثمنها مع تكلفة المعدات المستخدمة في اعلامنا الاردني، ولكن نتيجتها كانت مذهلة للغاية.
وببساطه الحدث وضخامة النتيجة فان سائحا سعوديا جاء بالصدفة، ابهرته مناظر شمال الاردن فسجل شريطا بسيطا لرحلته الميمونة، وترك لجمال الطبيعة ان يتكلم، وأدى الى جلب مائة ألف سائح للأردن في غضون اسابيع قليله. وبمعنى اخر جلب الملايين من الدنانير لأهل البلاد دونما منة او تأفف او تكلفة على الخزينة الأردنية ودافع الضرائب الأردني.
وبالمقابل فان وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة بالأردن تنفق الملايين على برامجها الوهمية التي تذهب في السفر والمياومات والاقامات والاستضافات التي لا فائدة منها ولم تأتي بجزء ولو بسيطا من نتيجة ما جاءت به كاميرا السائح السعودي.
وبسبب هذه المصروفات التي لا طائل منها، تجففت منابع السياحة ودخولها وصارت الوزارة والهيئة عقبة تعرقل السياحة أكثر منها ترويجية للسياحة، مقارنة بالسائح السعودي، بل وتكية للسفر والتنعم على حساب أموال الأردنيين دونما نتيجة تذكر، سوى الاستغلال الوظيفي والسعي لتحقيق النفوذ على المستوى المهني والاجتماعي والعلاقات والمصالح الخارجية، واخذ الالقاب بالمجان، والحديث عن كثرة البلدان التي يزورها هؤلاء،
اما طوابير الاعلامين في مؤسسات وزارة الاعلام فلم يحققوا ما حققه السعودي، وإذا تحدث أحدهم او احداهن، فان أيا منهم لا يمتلك اقل اساسيات اللغة العربية، وبالتالي فهم يفتقدون الى اساسيات قواعد الاقناع والحجة وهي سلامة اللغة، ومع هذا فلا حسيب ولا رقيب على الأداء والنتيجة والفائدة او الضرر المترتب على أي منهما، لان فاقد الشيء لا يعطيه.
اما بالنسبة الى الانجازات في كل من السياحة وهيئتها واجهزة الاعلام فهي لا تتعدى الوجاهة والمكاسب الاجتماعية الشخصية، ولم نجد من الوازرة والهيئة او المؤسسات الاعلامية أية برامج او نتائج ملموسة سواء لخدمة السياحة او اقناع الأردنيين، وانما فقط لخدمة زمر محددة من موظفيها والقائمين عليها بعيده عن مصلحة الوطن والمواطن وجذب السياح ونحن نعلم أن لا قيمة لسياحة دونما اعلام مقنع ومسؤولين مؤهلين ومخلصين.
وبالمقابل انتشرت في الآونة الاخيرة مقاطع مصورة لمواطنين سعوديين ومنهم ناشط سعودي على وسائل التواصل الاجتماعي يروج بعفوية وبساطة للسياحة في الاردن وخاصة في منطقة الشمال الاردني ويبين الاخلاق الحقيقة لشعبنا الاردني الذي يقطن الارياف وطيبتهم وكرمهم وكرامته.
وهذا للأسف ما عجز ان يعكسه او يبينه او يروج له الاعلام الرسمي ووزارة السياحة وهيئتها طيلة السنين السابقة.
ولكن بالمقابل فان الاعلام بالأردن حريص دائما على تصوير المواطن الأردني انه مواطن أحمق متخلف جاهل، من خلال شخصيات هزلية مضحكة، لا توحي الا بالاشمئزاز، ويشعر الأردني بالخجل والتقزز من تصوير الانسان الأردني بهذه الصورة الرديئة من حيث المنظر والنص واللهجة والحركات، وكأنه قادم من كوكب أخر، لا علاقة له بالحضارة والإنسانية والبشرية.
شكرا لهذا المواطن السعودي الذي نقل للعالم مدى رقي الاخلاق الأردنية، بتصوير الأردنيين والأرض كل على طبيعته بدون رموش مستعارة أو عدسات ملونة على عيون السياحة والتلفزيون.
فهو ومن خلال الادوات البسيطة المستخدمة بالتصوير والتحدث باللهجة العامية البسيطة المفهومة المحكية التي يفهما العرب جميعا ودون استخدام اية لقطات معيبة او مستفزة او تكلف او ميوعة على الشاشة او رخص يجبر الناس على التغيير عن التلفزيون الرسمي ومحطات محلية أخرى المحطات المحلية الرسمية وغير الرسمية. لقد تكلمت الحقيقة بلسان أردني مبين.
لقد تمكنت عدسة السعودي من اخذ لقطات اردنية حقيقية حصدت أكثر مما حصده الاعلام الاردني الرسمي وبرامج الوزارة والهيئة على مدار اعوام طويلة من مشاهدين ودخل للأردنيين.
وصلت رسالة السائح السعودي وحققت الهدف لبساطة اللقاء والفكرة، والتي كانت تغني عن التحذلق والتصنع الرسمي للمسؤولين والمذيعين، والميوعة المستفزة التي نراها على شاشاتنا بعيدا عن مفاهيمنا وثقافتنا واخلاقنا، فأصبح التلفزيون مثلما وزارة السياحة والهيئة مراكز طاردة ومنفرة للناس، وعاجزا عن تسويق الأردن مثلما هو عجز السياحة والهيئة، رغم ما تضمه من كوادر ضخمة من الإعلاميين والمصورين والمعدين والجاهزين.
وبالمقابل اكتفى المواطن السعودي مشكورا بتصوير فيدو يحاكي حياة شعبنا اليومية وبخلفية شيلة بموسيقى شعبية جميلة وجذابة وبسيطة ومحافظة وتلقائية، بما يراعي جميع المنظومة الأخلاقية، بعكس ما يعرضه التلفزيون والسياحة والهيئة.