لا يمكن وبأي منطق ان يُحمِّلَ أحدٌ رئيس الوزراء أيَّ رئيسِ وزراء مسؤولية ذنبٍ يقترفه احد أبناء قبيلته ان كان له قبيلة او عشيرته ان كان له عشيرة او عائلته والتي بالضرورة ان تكون. ما خلا المسؤولية الاخلاقية المعتبرة عندما يكون المذنب من أفراد الاسرة الضيقة.
ولعلَّ ما حدث اخيراً على الساحة الاردنية من تحميل وزر السطو الذي قام به شخص يرتبط مع الرئيس باسم العائلة للرئيس وعائلته فيه حيف وتجنٍّ وظلم ، اذ لا الرئيس ولا عائلته ووفق الشريعة والقوانين في موضع المسؤولية القانونية كما لا تقع عليهم أية مسؤولية ادبية وفق الاعراف المرعية او العقد الاجتماعي غير المكتوب الذي نراعيه ونعتبره في تقييمنا للحوادث والتصرفات في مجتمعنا الاردني الذي تحكمه في كثيرٍ من شؤونه عاداتٌ وتقاليد اجتماعية منضبطة فيها توافقٌ مجتمعيٌّ كبير يحدد الفضائل ويحدد النقائص ، ويميز الفعل الحسن عن الفعل المشين .
وإني اعتقد بأن الحملة التي طالت الرئيس من البعض وهم يتحدثون عن الشخص المتهم بالسطو على البنك لم يكن مبعثها الاعتقاد بأية مسؤولية ومن اي نوع للرئيس عن فعلة المتهم وإنما اصطياد المناسبة للتعبير عن شعورٍ متراكم من الضيق وعدم الرضى عن الرئيس وحكومته بكل اجراءاتها منذ تشكيلها ومروراً بكل تعديلاتها والتي ارتبطت بكل الأيام العجاف والقرارات الجائرة فضلاً عن غياب الوزن والقيمة وانعدام الرؤية وفشل السياسات وتعثرها وتبعثرها وارتجاليتها وعبثيتها ، فلم يمر على الاردن والاردنيين حكومة كهذه الحكومة في زرع اليأس والاحباط وعدم الثقة ؛ ولكن ذلك كله لا يسوِّغ النيل الشخصي من الرئيس بسبب ذنب المتهم من عائلته بالسطو ان ثبت الجرم .
ولكن هل موقع الرئيس واعتبارية الموقع الذي يشغله تجعله ينفعل بهذا الشكل ليتبرأ من العائلة ويحصر ارتباطه ونسبه بعائلته الصغيرة ؟!
وهل يعلم الرئيس ان ما قام به يحتاج في العرف العشائري في هذا البلد والذي ترعاه الدولة وتشرف على تطبيقه الحكومة من خلال وزارة الداخلية بأذرعها من حكام إداريين وجهاز الأمن العام يحتاج الى العدِّ العشائري يجريه شيخٌ عشائري مأذونٌ له وتتم العملية وفق اصولٍ معتبرة ؟!
ليس من المقبول أبدا ان يشعرنا الرئيس بأن هناك خصوصيات وفوارق تجعل الرئيس يخرج عن طوره ويتخلى عن موقعه بأنه رئيس وزراء الاردن الذي ينبغي ان يتساوى فيه كل الاردنيين .
ولا يجدر بشخص وموقع رئيس وزراء ان يتكلم بمنطق لا يُقبل من عوام الناس حين يطلب بإنزال أقصى عقوبة بهذا المتهم وكأنه بذلك يتصرف لإخلاء مسؤوليته من القربى . فلا ينبغي ومن مبدأ استقلال القضاء والفصل بين السلطات ان تطلب إنزال أقصى العقوبات ولعله كان من المفروض ان يرد عليك رئيس المجلس القضائي ويقولها لك بصوتٍ عالٍ " مش شغلك " ولكن حسبنا الله ونعم الوكيل . كما ان حق هذا المواطن بموجب الدستور ان يُعامل بالمساواة في حقوقه وواجباته ولا يُنقصها ولا يزيدها قربه منك او بعده او حبك له او بغضه يا دولة الرئيس مما يُلزمنا نحن ان نقول لك "صمتك خير من كلامك " وليتك تجسد العدالة وعدم المحاباة حيث هي لازمةٌ ومستحقة .
وان هذا الشخص المتهم بالسطو على البنك ما زال في المحددات القانونية متهما لم يتم الجزم بإدانته وتجريمه ومعاقبته الا اذا كان الرئيس يرى غير ذلك !
ونحن لم ننسَ بعد يا دولة الرئيس انفعالك غير المبرر عندما اثار بعض النواب تحت القبة راتب نجلك فوزي في الملكية وتركت مواضيع كثيرة تهم الوطن والمواطن ولم تتحدث عنها وكان همك تبرئة ساحة ابنك ان كانت بريئة أصلا وبما لا يليق برجل الدولة الذي يتصرف بنزقٍ وبذاتية مغلقة !
نتمنى ان تنفعل لمعاناة الناس وهمومهم وللقضايا الوطنية والتحديات الهائلة التي يتعرض لها الوطن .
الله يسامحك يا دولة الرئيس ويجبر بخاطرنا !