نقاط الالتقاء في الخلاف الحزبي
اسامة احمد الازايدة
01-04-2018 01:35 AM
(قراءة في الحياة الحزبية الاردنية)(٢)
لعل اكثر الخلافات الفقهية في دراسات النظم السياسية هو تعريف ( الحزب السياسي) وكل مدرسة تعرّفه بما انسجم مع نظامها ، فأنظمة الحزب الواحد تختار من التعريفات ما يلزمها لتكريس مفهومها و غاياتها التي تخدم استمرار حكمها، و دون أن يشعر متّبعو تلك الأحزاب - و إن هي بادت- تصبح سمةً لهم في حياتهم الحزبية حتى و إن هم تظاهروا بقبولهم للآخر ، بل إن الأعمق من ذلك أن بعضهم لا يتظاهرون بذلك بل يمارسون فكرهم الراديكالي ظناً منهم انه هو التعددية و الديمقراطية، و إن أنت تابعت سلوكهم و فكرهم و مقالاتهم - و ذلك متاحٌ الكترونيا بسهولة- ستجد ان الكثيرين منهم ممن يدعون الفكر الحر انهم اكثر الناس دكتاتورية و راديكالية.
هنا... نُجمِع نظرياً جميعا أن أول ابجديات إنشاء بيئة حزبية منتجة هي أن يتم الاتفاق على مفهوم (الحزب السياسي) بعد أن يتحرر أقطاب الأحزاب من خلفياتهم و خلافاتهم التاريخية حتى يتمكنوا من قبول بعضهم في بيئة حزبية تنتج حياة ديمقراطية.
أرغب بالكتابة في هذا الحقل رغم أنني لم أعمل يوما في نطاق حزبي او ضمن تجربة حزبية ، و لهذا أَجِد نفسي أكتب بحرّية من خارج الاطارات الحزبية، و لعلّ قناعتي بعدم وجود تيار حزبي حرّ غير منحاز هي قناعة الكثيرين بعدم الإيمان بالعمل السياسي و الفكري ضمن إطار حزبي.
في الديمقراطيات الناجحة يختلف الأضّداد على السياسات لكنهم يتفقون على مفهوم (ماهية الديمقراطية) و مفهوم ( الحزب السياسي ضمن إطار دولة) و لا يمكن أن يكيلوا بمكيالين بتعريفهم للديمقراطية .
بهذا الصدد قرأت أمس مقالاً لأحد اقطاب السياسة المخضرمين( زمنياً و فكرياً) ذو عمرٍ (نضالي) أكبر مما مضى من عمري يتغنّى بالفوز الديمقراطي الساحق في الانتخابات المصرية لأنها أطاحت بأمل من تبقّى ممن يظنّهم- حسب النظرية أعلاه - خصوما تاريخيين له ، اول ما تساءلتُ عنه هو أنه يعتبر نفسه ليبراليا فما هو مفهوم الديمقراطية الذي تكوَّنَ لديه خلال سنوات ( نضاله) السياسي!! ، و للإنصاف فإن بعض خصومه ليسو أقلّ منه راديكالية إِلَّا انهم لم يصرّحوا بذلك.
اليوم... و قد تحررت معظم الأحزاب الاردنية من ملهميها من خارج الوطن و قد اكتسبت الساحة السياسية الاردنية ما يكفي من الخبرة لتضع أسساً محليةً تكون هي الملهم لها و لتكوِّن هويةً محليةً لكل منها دون تبعيةٍ لأي عاصمة أخرى ؛ اختلفوا بالسياسات كما تشاؤون لكن فقط اجتمعوا على مفهوم واحد يتيح لكلّ منكم ان ( يقول) دون ان ينكر الاخر وجوده.
يتبع......
المقال السابق (١) أين العلة؟
http://www.ammonnews.net/article/363799