ماذا بقي من سوريا ودي مستورا؟
د.مهند مبيضين
01-04-2018 12:45 AM
المسلحون في الغوطة ودوما، يطلبون أن تكون الأمم المتحدة هي الطرف الضامن للاتفاق والخروج الآمن، فيما التفاوض مع الروس الذين يقررون، متى وكيف يكون الخروج، والسيد دي مستورا مصر على أن هناك دوراً له وللعملية السلمية، لكي تخرج سوريا من أزمتها أو تظل موحدة.
للأسف تجربة الممثلين الأممين في الربيع العربي فشلت، من ليبيا وإلى اليمن وحتى سوريا، فما زالت الحرب عالقة والخلاف والتطرف يزداد، والاستبداد يتولد كل يوم برعاية أممية، وفي سوريا تكمن المأساة والملهاة.
كوفي عنان كان المبعوث الأول الذي عين في شباط/ فبراير 2012 ، وتلاه إثنان من المبعوثين؛ الجزائري الأخضر الإبراهيمي ومن ثم اليوناني دي مستورا، وقبل ذلك الجامعة العربية ارسلت وفدا إعلامياً للتحقق، برئاسة شخصية من السودان.
وفي اكتوبر 2011 زار وفد مجلس وزراء خارجية الجامعة العربية ومعهم نبيل العربي ووزراء خارجية الجزائر ومصر وعمان والسودان سوريا أملاً بالبحث عن مخرج، ولكي لا يكون هناك تعليق لعضوية سوريا في مجلس الجامعة، جرى البحث في مسألة عضوية سورياً وتركت الأزمة تشتعل والشعب يتضرر.
كلّ ذلك لم يأتِ بنتيجة، بل تعلق الصراع لأيام بهدن هشة أيام الأخضر الإبراهيمي، ثمّ انقسم الثوار إلى فصائل لاحقاً، ومما بقي من زيارات الوفود، صورهم التذكارية، وراحت سوريا إلى جملة تدخلات دولية واقليمية وجملة معارضات في الرياض وتركيا وغيرهما. وتاريخياً وساطات الجامعة العربية ووفودها كانت مقدمة للتدخل الخارجي ولم تأت بالحلول، بل كانت تصُعد الأزمات.
اليوم سوريا مليئة ومثقلة بالتدخلات، فشل كوفي عنان وخلفائه، وصار هناك ثلاثة لاعبين، الأتراك والروس وإيران، ولكل منهم عمقه ومشروعه، الذي يريده، وهناك طرف مفعول به هو النظام، الذي ثبّته حلفاؤه لمصالحهم المتمثلة ببقائه، والتي فهمتها أمريكا كما فهمتها فرنسا؛ أكثر دول أوروبا حماساً للربيع العربي، وعبثاً في سوريا منذ أيام شيراك وصفقة توتال المعروفة.
اول أمس استقبل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وفد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ولفرنسا لعنة قديمة في سوريا منذ الانتداب، ولها مع الأكراد وعود ومصالح، ازعجت تركيا التي ترى أن فرنسا تهدد أمنها بدعمها للأكراد.
قبل مائة عام كانت سوريا عنوان الصراع في المنطقة ورمانة الميزان، واليوم تعود، لذات الوزن، فيعلن ترامب في تصريح مجنون أنه سيخرج، دون أن يقول شيئاً عن القواعد الجديدة التي أقامها الجيش الأمريكي شرق سوريا، ودون ان يفصح هل الخروج لكي تتمدد إيران اكثر غرب العراق أم لا؟ فيما يعلن أنه يحاربها أمام حلفائه العرب.
هذا المشهد، يُذكر بارتباك الغرب حين أخرج فيصل بن الحسين من سوريا قبل مائة عام، واليوم بدلاً من فرنسا وبريطانيا هناك روسيا وامريكا، وثمة لاعبون احتياطيون يقومون بأدوار متعددة؛ منهم الاتراك وايران واسرائيل، وكلها أدوار مبتذلة على مصلحة الشعب السوري.
كل هذا يحدث، في ظل اصرار الأمم المتحدة على وجود ممثل لها لتمكين الشرعيات من البقاء سواء في اليمن او ليبيا او سوريا، فيما الشعوب تضيع وتهجر وتقتل، إنها مهزلة السياسة والحرب ولعبة المصالح وانعدام الأخلاق؟
الدستور