الدراسة المثيرة التي نشرتها «الرأي» على صدر صفحاتها الاقتصادية حول اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا قدمها
الجانب التركي باعتبارها منافع حققتها هذه الاتفاقية للاقتصاد الأردني، لكنها ليست كذلك بالطبع.
يصرخ التجار ضد تجميد العمل في هذه الاتفاقية، طبعا لأن حجم المنافع الشخصية التي تحققت لهم كبيرة جدا كما تبين حتى لو كان ذلك على حساب الاقتصاد الأردني بإغراق السوق وتوسيع العجز في الميزان التجاري بين البلدين، والقضاء على أية فرص للصناعة الوطنية.
كان يفترض بحسب الاتفاقية أن تنشئ أو تشجع الحكومة التركية إنشاء استثمارات جديدة وصناعات متطورة لكن حجم الاستثمار التركي في الأردن لم يتجاوز حاجز الـ 40 مليون دولار منذ توقيع الاتفاقية، إلا أن بعض التجار اعتبر أن جلب الثلاجات والغسالات وغيرها من الأدوات الكهربائية قطع غيار يجري تجميعها في الأردن صناعة !
تدفع الحكومة التركية 120 ألف دولار لكل محل أو معرض أو مخزن أو مكتب يتم إنشاؤه خارج تركيا، وبحد أعلى 25 فرعا خارجيا في 25 بلدا أو 25 مدينة مختلفة وتدعم العلامات التجارية بمبلغ 50 ألف دولار لكل علامة وتخصص للإعلانات، 250 ألف دولار وتتحمل تكاليف الإيجار وبمبلغ يصل إلى 100 ألف دولار، و300 ألف دولار للإيجار وأعمال الديكور للمعرض أو المكتب، و200 ألف دولار للتصميم، و300 ألف دولار للتسويق والإعلان، و200 ألف دولار للاستشارات.
السوق مغرقة بالبضائع المصرية والتركية والصينية وغيرها من دول اتفاقيات التجارة الحرة، وبينما لا يستطيع الأردن توفير الحماية لمنتجه المحلي التزاما لشروط منظمة التجارة العالمية تخترقها تلك الدول وتعرقل الاستيراد من الأردن.
أثاث وسيراميك وبلاط وملابس ودجاج مجمد ومئات أخرى من الأصناف التي ينتج مثلها وربما أفضل منها صناعيون أردنيون تملأ الأسواق بأسعار وجودة رخيصة ولا يستطيع وزير الصناعة أن يتخذ قرارا بحماية الصناعة المحلية التي هو مسؤول عن دعمها.
ليس عبثا أن تحمل وزارة الصناعة والتجارة هذا الاسم، فهذه الوزارة هي وزارة الصناعة المحلية وليست وزارة لشؤون الصناعة الخارجية، وكل ما تقدمه من تسهيلات للاستيراد وفتح السوق على مصراعيه أمام الغث والسمين يضر بالمنتج المحلي.
يتجلى هذا الضرر في أرقام الميزان التجاري فالأردن استورد خلال الثلث الأول من العام الجاري بما قيمته 8.4701 مليون دينار بزيادة 1.3 %مقارنة مع نفس الفترة من عام 2016 ليبلغ العجز في الميزان التجاري 1.3080 مليون دينار، بزيادة 4.2% مقارنة بنفس الفترة من عام 2016 حتى الصادرات التي نشطت قليلا لا تعطي الصادرات سوى بنسبة 5.34% ليضرب الاقتصاد الوطني وجهه عرض الحائط فهذه مكاسب مغرية لتجار استفادوا من هذه الحوافز ومن بعدي الطوفان هذا هو لسان حال تجار صرخوا في وجه تجميد هذه الاتفاقية المجحفة وما زالوا.
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي