ألا يقرأ المتفائلون أرقام الاستثمار!
جمانة غنيمات
01-04-2009 06:19 AM
ها هي الأرقام تقطع الشك باليقين، وتؤكد أن آثار الأزمة المالية العالمية ظهرت جلية وواضحة على أهم مؤشر اقتصادي محلي، حيث كشفت الإحصاءات أن الاستثمار الأجنبي المباشر تراجع بشكل كبير ما بعد الأزمة.
مشكلة الانخفاض في هذا الرقم قد تكون الأخطر، لما يؤديه الاستثمار من دور كبير وفعال وحقيقي في دفع عجلة الاقتصاد وتحقيق التنمية المنشودة.
الحديث باستياء وباستخفاف عن الفريق المحذر من تبعات الأزمة لم يعد مقبولا من الآخرين، الذين قالوا غير مرة إن ثمة مبالغة في الحديث عن تأثير الأزمة على الأردن.
فالتقليل من شأن الآراء التي نادت منذ اندلاع الأزمة بضرورة الانتباه لما يجري في المنطقة والعالم وتأثير ذلك على الأردن، لم يعد أمرا يمكن السكوت عليه.
ويبدو أن الأوان قد آن ليصمت هؤلاء الذين ما برحوا يؤكدون أن تأثيرات الأزمة لم تظهر بعد.
ودعوة المتفائلين للتوقف عن تفاؤلهم ليس من فراغ بل يدعمها دليل قوي، يؤكد أننا لا ندور في فلك الأزمة بل في وسطها.
هذا الفريق الذي يرى أن المشكلة نفسية وكذلك علاجها، مخطئ، فحل المشكلة لا يتمثل في إشاعة جو من التطمينات الواهية، بل يلزمه تغيير الكثير من السياسات والمسلكيات.
والدليل القاطع على ضعف نظريتهم، ما أكدته الأرقام حول تراجع صافي الاستثمار المباشر خلال الربع الأخير من العام الماضي (أول ثلاثة أشهر تلت الأزمة مباشرة) إلى 123.9 مليون دينار مقارنة مع 433 مليون دينار خلال ذات الفترة من العام الماضي بتراجع نسبته 71%.
والمقلق أن المستوى الذي عادت إليه قيمة الاستثمار يشي بتفاصيل كثيرة منها أن حجم الاستثمار المباشر كان سيعود إلى مستويات خلال العام 2004، حينما بلغت قيمتها 124.2 مليون دينار.
إذن، لنعترف ونتوقف عن وضع رؤوسنا في الرمال، وكأن شيئا لم يجر، فتأثير الأزمة يبدو جليا وواضحا، حيث بدا اتجاه مؤشر الاستثمار الذي نما خلال الأشهر السعة الأولى من العام 2008 بوتيرة متصاعدة تعكس اتجاهه.
أسباب انخفاض حجم الاستثمار متعددة وتبدأ بانتهاء الفورة النفطية وتراجع حجم الفوائض المالية في الخليج، وتوقف رؤوس الأموال الأجنبية عن القدوم للاستثمار في الأردن.
هذه النتائج غير المبشرة بالخير تعيدنا إلى المربع الأول وضرورة الاهتمام بملف الاستثمار ووضعه على سلم أولويات الحكومة، لمعرفتنا القوية بأنه الحل الحقيقي لجميع مشاكلنا الاقتصادية، فالمساعدات والمنح والقروض التي ترى الحكومات فيها مهربا من مشاكلها، ستكون يوما مأزقا لن تقوى على مواجهته.
النجاح في استقطاب الاسثتمار يبزغ كتحد أمام الحكومة التي يتطلب منها توفير كل ما يحتاج المستثمر وإزالة جميع المشاكل التي تواجهه، هذه المسألة من ناحية تدعو إلى التفكير مرة أخرى بتوحيد الهيئات المعنية بالاستثمار تحت مظلة واحدة، العودة مجددا إلى التفكير في أوجه التقصير التي تنعكس على حجم الاستثمار وعلى رأسها تبسيط الإجراءات ووضع قانون ضريبة ينصف المواطن والمستثمر في آن واحد.
إصلاح البيئة الاستثمارية، يلزمه الكثير، ففي سنوات خلت قد تكون الفورة النفطية هي ما ساعد على استقطاب الأموال غير الأردنية لتنشأ مشاريع في الأردن، لكن جذب الأموال خلال السنوات المقبلة وإقناع المستثمرين بالقدوم إلى المملكة لن يكون أمرا سهل المنال كما كان في أعوام مضت.