انجزت الحكومة بنجاح برنامجها الفني فيما يتعلق بمشروع الديسي واستطاعت ان تحصل على موافقة من بنك الاستثمار الاوروبي بالحصول على ما يقارب 380 مليون دولار لتمويل تنفيذ المشروع الذي طالما نظر اليه الاردنيون على اعتبار انه حلم صعب المنال.

استكمال الامور الفنية الخاصة بتمويل جر مياه الديسي الذي يقدر بـ 600 مليون دولار لا يعني بالضرورة ان المشروع سينفذ فعلا, فالمسألة بالنسبة لهذا المشروع تختلف عن باقي المشاريع الاخرى, فحوض الديسي المائي مشترك بين الاردن والسعودية, ومن المعلوم ان الاخيرة رفضت المشروع في وقت سابق, وكان موقفها جليا من خلال ممثلها في عضوية مجلس ادارة مؤسسة التمويل الدولية الجهة التي كانت قد اتفقت مع الحكومة في وقت سابق على المشاركة في التمويل, الا انه وبسبب الموقف السعودي الرافض للمشروع انسحبت مؤسسة التمويل من المشروع, الامر الذي دفع بالحكومة للبحث عن مصادر تمويل جديدة ونجحت في ذلك مع بنك الاستثمار الاوروبي, لكن ماذا بشأن موافقة الاشقاء السعوديين?

لغاية الآن لم يتلق الجانب الاردني أية مؤشرات تدلل على ان هناك تغييرا في الموقف السعودي تجاه المشروع, والمعلومات التي حصلنا عليها تؤكد انه ومنذ شهر آب الماضي لم يتم مناقشة الموضوع بين الاردن والسعودية.

موقف الحكومة في السير في المشروع يسير بعدة اتجاهات اغلبها فنية بحت, بمعنى ان الحكومة التزمت بالاتفاقيات الدولية الخاصة باستغلال الاحواض المائية المشتركة بين الدول والتي تنص على الابتعاد بمسافة 15كم عن الحدود الدولية في حالة حفر الآبار, والحكومة في مشروع الديسي الابتعاد حوالي 30 كم عن الحدود السعودية, كما ان للحكومة مبررات مهمة في استكمال تنفيذ المشروع نظرا لاهميته القصوى على صعيد الاقتصاد الوطني والتنمية المستدامة, فالاردن مصنف على انه من افقر 10 دول في العالم مائيا, وكثيرة هي المشاريع المتوقفة على مدى توفر منسوب مياه كاف في المملكة , وبالتالي فان المبررات لتنفيذ الديسي مستوفية شروطها, لكن هل بإمكاننا ان نسير بالمشروع من دون موافقة سعودية.

من المعروف ان المملكة العربية السعودية لعبت دورا مهما على صعيد تعزيز الاستقرار المالي, فهي تقدم سنويا ما معدله 800 مليون دولار كمنح لدعم الاقتصاد الاردني, اضافة الى ذلك فان العلاقات السياسية بين البلدين في غاية من الانسجام وهي اقرب الى التحالف الاستراتيجي المبني على مواقف مشتركة تجاه العديد من القضايا الاقليمية والدولية.

صحيح ان الاشكاليات المالية والفنية جرى تجاوزها, ولكن يخطئ البعض ان اقدم على تصرف منفرد تجاه الديسي من دون ان تسبق ذلك اتصالات سياسية عالية المستوى للاتفاق المشترك على المشروع الحيوي, وفي اعتقادي ان السعودية من اكثر الدول ان لم يكن اكثرها معرفة باحتياجات الاردن والتحديات التي تواجه العملية التنموية لديه.

الكل ينظر الى الديسي ويتطلع الى ذلك اليوم الذي يتم فيه مد الانبوب وحفر الآبار, لكن علينا ان نتحرك بسرعة, خاصة وبنك الاستثمار الاوروبي الذي وافق على التمويل لن يقدم على خطوات فعلية قبل معرفة الموقف السعودي النهائي من المشروع.0

salamah.darawi@gmail.com