عابرون !
العابرون في حياتنا دون موعد.
هم استثائيون ،لا يتكررون لكن بقاءهم مستحيل !
جلس بجانبها وشعر بخوفها فهي تخاف من المناطق المرتفعة بالرغم من ايمانها بان الانسان يخاف من كل شيء يحبه لانه يكون الاقرب اليه والخوف ينبع من الاحساس بالخسارة لذلك نحن نتمسك بمن نحب خوفا من خساراتهم ...
لم يرغب بان يقحم نفسه عليها وهي في لحظات خوفها، قبل اقلاع الطائرة بلحظات فانتظر فترة ليبدا بالحديث معها محاولا تبديد خوفها قليلا لكنها لم تمنحه هذه الفرصة تناولت بعضا من الحبوب وما هي لحظات حتى خلدت للنوم
حدق هو بها جيدا وبملامحها وهي مستغرقة بالنوم الذي يبدو له بانه الحل الوحيد امامها لتبديد خوفها او تاجيله لحين انتهاء الرحلة .
ولكنها ساعات قليلة حتى استعادت وعيها امام اهتزاز الطائرة العنيف ودون تفكر بردة فعلها صرخت لا اريد ان اموت .
ابتسم هو الذي لم يعد يعنيه الخوف منذ زمن واجابها قائلا :
وهل الموت يسأذنك او يتوقف امام رغباتك سيدتي ؟
تفاجأت هي بسؤاله وصمت قليلا واجابته : لا ولكني اخاف .
واستمر حديثهما عن الموت والحياة لساعات نسيت خلاله خوفها وانشغلت بافكاره ورؤيته عن الحياة والموت .
فكان يقول لها : الحياة هي ان تحيا بجانب من تحب ان تشعر بوجوده ومشاركته لحياتك في ادق تفاصيلها
الحياة ان تستشعر الوجود بابهى معانياه ان لا تعاني من الحزن ولا تعاني من العجز وان لا تلمح الشفقة بعيون الاخرين ...
الحياة ان لا يخذلك الخوف ويتحكم بايامك ورؤيتك للكون لان ما بداخلك من ايمان بالحياة اكبر وتسليمك لحقيقة واحدة بان كل شيء بحياتك مكتوب لك ولن تحصل على شيء غيره
اما الموت فهو المرادف للحياة فمن يؤمن بها يؤمن بالموت كحقيقية لا جدال بها لكن نظرتنا له هي التي تحدد كيف نحيا ...
هو نهاية لطريق مهما حاولنا ان نغير مساره لن نتمكن من ذلك لكن هذا لا يعني ان نستسلم لفكرته بالمطلق
لان ذلك يمنعنا من رؤية الحياة كما هي عليه ...
نظرت اليه واثار حديثه فضوله فسالته :
اذن انت انسان سعيد ؟
صمت للحظات وقال لها : السعادة هي ايضا تتعلق بنا كيف نراها وكيف نقرر ان نتعامل معها هي ليست متوفرة لنا في كل ايام حياتنا وليست وصفة سحرية تغيرنا من حال لاخر لكن بامكانها ان تغيرنا من اعماقنا طالما نقرر نحن ان نبحث عنها ولا نستسلم لفكرة اننا لسنا سعداء .
سالته :
واين نجدها امام خسارات متكررة وخذلان الاخرين ووجع الزمن ...؟
تلمس هو انها رفيقة للحزن وان بصوتها نبرات الم من شيء ما .... فاجابها : من قال ان الخسارات والخذلان هي ضد السعادة بل هي مصدرها لاننا عندما نخسر من نحب ونشعر بالخذلان من حبيب او صديق فهذا يعني انهم لم يكونوا بحياتنا كما يجب وانهم ليسوا سبب سعادتنا بل مغادرتهم لحياتنا ستجلب لنا السعادة مع اخرين فلا حزن عليهم ولا الم لرحيلهم .
قالت هي دون اية مقدمات : لكنني احببته حقا ولم اكن اريد ان يرحل عن عمري لكنه الامني بكرامتي ووجودي عندما اختار امراة اخرى دون ان يخبرني بذلك .... تركني اعيش اسيرة لاكاذيب متتالية لحب ليس له وجود ما دام اختار امراة اخرى!
قال هو : اذن هو لم يحبك يوما ما لان الحب حصانة لقلوبنا ما ان يتغغلل من نحبه بها توصد ابوابها وكأنها تصبح منطقة مغلقة لا يدخلها وجه اخر ولا يستنشق هواءها نفس اخر سوى من نحب ....
سيدتي من ساعات كان الخوف من الطائرة يسكنك وترفضين فكرة انك ستموتين فذلك يعني انه لا زال هناك املا لديك بالحياة ، لا زال هناك املا بالحب ،بالصدق والا لما شعرتي بالخوف وكانت تجربتك هذه قد سحبت منك اية مشاعر اخرى تربطك بالحياة من جديد ...
نظرت اليه وعادت لصمتها وبادرت لفتح غطاء نافذة زجاج الطائرة التي كانت قد اغلقتها في بداية الرحلة تاكيدا على خوفها .
مضى هو ومضت هي ،كان لا يزال بينهما حديث لم يكتمل فصل واحد لراوية كان يمكنها ان تبدا من جديد
لكنه لم يعد يشعر بالخوف وهي لا يزال بقلبها مشاعر خوف .
والعابرون بالحياة ولو للحظات يمنحوننا كل ما نريد دون موعد ولكن بقاءهم يبدو مستحيلا او كحلم وبريق لا يلبث ان يحلق عاليا دون ان نتمكن من الامساك به لنشعر من جديد باننا قادرون على الحب
الرأي