قراءة في الحياة الحزبية الاردنية أين العلّة ؟ (١)
اسامة احمد الازايدة
28-03-2018 09:43 AM
من المنصف أن نقِفَ على أسباب انحدار الحياة الحزبية الاردنية بكل موضوعية ، و مع تمسكي بعدم وجود إرادة حقيقية للإصلاح السياسي لدى ادارة الدولة و لدى المشرّعين إِلَّا ان الحقَّ يقتضي منا أن نبحث عن الأسباب لدى طرفي المعادلة ( إرادة الدولة و تشريعاتها ، و بنية الأحزاب و حساباتها).
الاردن كنظام سياسي هو في حجم بعض الورد حجماً و عمراً ، و ليس من المنطق مقارنته زمنيا بالديمقراطيات الغربية العتيقة ، لكن التجربة الاردنية اثبتت في خمسينيات القرن الماضي ان الشعب قادر على إفراز قادة رأي و ممثلين شعبيين الا ان التجربة الحزبية آنذاك لم تكن محلية حرة بل تأثرت بعوامل و تيارات خارجية متعددة و ذلك ما استدعى ( تجميدها)بعد حكومة المرحوم سليمان النابلسي ، بالرغم ان دستور ١٩٥٢ كان سابقا للذهنية العربية آنذاك و نتج عنه اول قانون للأحزاب عام ١٩٥٥، في وقت كانت الدول المجاورة تكرّس مفهوم الحزب الواحد ، و عليه فان الشاهد في ذلك ان الشعب كان مؤهلا آنذاك لإنتاج تمثيل شعبي و حزبي .
ثم دخلت المرحلة الذهبية - نسبياً - عام ١٩٨٩ ، و لا ننكر أن قانون الانتخاب وقتها كان له الأثر في تلك النهضة القصيرة ، الا ان الأثر الأكبر بنجاحها كان بفضل نوعية النخب السياسية و التعددية الفاعلة و التشاركية الحزبية و قبول الاخر و احترام القيادات لبعضها بالرغم من الخلاف الفكري و السياسي بينهم ، فلنا ان نقول ان بُنية الأحزاب و القوى السياسية كانت اكثر صحيةً من اليوم بالرغم من كل المحدِّدات و بالرغم من حرمان الحزبيين من الوظائف الحكومية آنذاك.
أما اليوم ؛ فلا حاجة لشرح واقع حال بُنية الأحزاب و تركيبتها و آلية قيادتها حتى ان بعضها اصبح يسمّى حزب( فلان) فتشعر أن الحزب هو أحد أعضاء جسم( فلان) ، فجميعنا شاهدو عيانٍ على الحالة .
ما أرغب بذكره في هذا السياق أن إصلاح الحياة الحزبية يتطلب ثلاث أركان : يبدأ من الشعب أولاً بفرز قادة رأي و فكر حقيقيين يمثلون التعددية الفكرية الشعبية و ليس فكرهم الشخصي ، و تحقيق هذا المتطلب هو من واجب الشعب شريطة ضمان حياد الدولة بذلك ، ثم سيتحقق الركن الثاني تلقائيا فستتصحح بُنية الأحزاب بناء على تحقّق الركن الاول، اما الركن الثالث سيتحقق أيضاً لا محالة بإجراء إصلاحات تشريعية لقانوني الأحزاب و الانتخاب ، فحينها ستمتثل الدولة جبراً لذلك.
إذن ،، فالمربّع الأول الذي لا زلنا نحيدُ عنه هو إفراز قادة الرأي غير المزيفين ، و بخلاف ذلك سيبقى سابقا لأوانه ان نطالب باصلاح الحياة الحزبية .