ما كتبه جدعون ليفي في هآرتس قبل يومين وبالعبرية غير الفصحى كي يفهمه الجنراك ويتهجى مقالته الخام ويرطن بها المستوطن؛ قد لا يجرؤ بعض الكتّاب العرب على كتابة واحد بالالف منه؛ لأن العطب الذي اصاب البوصلة القومية غيّر وجهة الكلام مثلما غير وجهة فوهات البنادق.
يقول ليفي ان النظام العنصري في اسرائيل والابرتهايد المكشوف تجسدا في الحكم الصادر على عهد التميمي ووالدتها، ولم يقم القضاة من ذوي الطواقي وزنا لمليوني توقيع في العالم لاطلاق سراح عهد ، ويواصل ليفي سخريته من دولة تعلن الحرب على طفلة، وتحكم على من يقتل فلسطينيا اعزل بمدة تزيد شهرا واحدا فقط عن الحكم الصادر ضد عهد التميمي، وهكذا تصبح المعادلة عارية، وهي كما يقول ليفي صفعة من يد فلسطينية على وجه جندي محتل تعادل زخة رصاص من مستوطن على جسد فلسطيني اعزل، وما نخشاه هو ان ما يكتبه جدعون ليفي وامثاله يغضب العرب الآن، وتدرج اسماء هؤلاء على القوائم السوداء في بعض البلدان العربية.
كم تغير الزمن، وكم تبادل البشر الادوار، كأننا نعيش في حفلة تنكرية لا آخر لها، ما يقوله ليفي شلومو رايخ وغيره ينوب عن كثير من العرب الذين استقالوا من تاريخهم وخلعوا ذاكراتهم كمعطف مهترىء تغلغل فيه العثّ .
كاتب يهودي اعلن العصيان على تعاليم الصهيونية، وانحاز الى الضحية غير عابىء بما يمكن ان يوصف به من عقوق؛ لادراكه ان العدو الحقيقي لليهود هم هؤلاء الذين حاولوا صهينتهم؛ لأن من يُشَرعن قتل الابرياء في عقر وطنهم انما يشرعن في الوقت ذاته انتحاره .
وحين تبحث الضحية الخرساء عمن ينوب عنها في الأنين، تكون قد ماتت مرتين!!.
الدستور