الحب كماسة تلمع في عينيها،تشتاق تتلهف تكتب تضحك كلما مرّ ذكره بخاطرها وما كان يغيب، في ساعة احتياج تضم احتياجها تحت الكتمان وتشد وثاق الكلمات لشيء لا تدري ما هو، يتمختر في عروق يديها ويتسلل الى الصدر، الى القلب، الى عمق الروح، ربما هو شيء يشبه الوجع، ربما قريب من فقدان، او ربما حزن يخالطه الشجن، تبتسم لصورتها في المرآة تعود تكمل تسريح شعرها وكأنها ستلتقيه حالا، تحمله عالما واسعا شفافا يراه الجميع ولا تشعر به الا هي! تنظر نظرة اخيرة الى ملامح سكنتها رغم الاختلاف وتطيل النظر في مرآتها لدقائق تمر كالثواني كأنها اصبحت تشبهه أو..أو ربما هو اصبح يشبهها.هنا فوق جبينها تناثرت كلماته، وفوق شعرها أشعل نجوم الشوق فطالت خصلاته أكثر فأكثر، وعلى الخصر كُتِبت الحكايات الاولى للّقاء.
أيقظ حواسها جرس الهاتف نبهها لرسالة، مسرعة بحثت في ذلك الجهاز الصغير الذي يحمل نبض القلب وعطر الوقت والخلاص من عالم ضجيج يلفّها ولا يتركها، كأنها الوحيدة..برغم ما حولها، وبحركة سريعة ألقت الهاتف جانبا، لم يكن هو بل تنبيها لا يضيف لقلبها دقة ولا ينتزع من أنفاسها ريحا!حسنا لا بأس،هَمْهَم غيم اللحظة وهي تغلق حقيبتها كيف لنا ان نملك تلك العصا لنتحكم بمدى حرارة الارتباكات التي تصيبنا في الغياب، في السؤال، في الحيرة..تاهت بين المسموح و الممنوع، وتاهت بين ما تريد حمله في حقيبة يدها وما لا تريد- ذلك من يترك فراغا اكبر مما توقعت، لا تريد ان تظل تتأجج لهفتها له ولا تريد ان تخسر تلك اللذة حين يغدق هطوله مطرا حريريا على ارض عطشى- قاطع هذيانها صوت المذيع في الراديو يعلن: هذا العام عام جفاف..اسكتت صوته متسائلة كيف لا يصيب الجفاف الارض و قد اصاب القلوب!
اوووف..
تأخرت..هكذا هي منذ عرفته تتأخر عن مواعيدها،حتى موعده!!أصبحت تنسى و حتما عليها أن تجد مخرجا لمن أصابها في الصميم،الى متى ستظل تختنق مسامات الروح؟فما بين صمتها و النداء صبر مهاجر خدش الاحلام التي لا تتحقق،كل الافكار المجنونة في عالمها تتعلق بقشة...نجمة مالحه سقطت من عينها مسحتها،فهي تعلم تماما ان لابجدية الشعر عنفوان ترك بحة الرنيم و سكن اريج سطرها ..
و اخيرا خرجت الى يومها و دون ان تلحظ سقطت من ضلوعها رسالة عند عتبة الباب:من انا من انت؟لا اذكر الا عيناك في ذلك اليوم من سنوات طويلة لم تكن يوما فيها بجواري،هلوسات الوقت،صهيل الذكرى،خيال دغدغ الورق..و زوبعة الاحداث التي رافقتني..من انت من انا؟
الدستور