ظاهرة غريبة عجيبة اصبحت تسود مجتمعنا الذي لم يتعود مثل هذه ولن يتقبله بهذه السهولة التي يتوقعها من يحاول ان يغتني على حساب الوطن والمواطن.
فحالات التسمم التي اصبحت تظهر بين الحين والاخر لم تكن موجودة في مجتمعنا الاردني والذي لديه بيئة نظيفة يحافظ عليها فطبيعة الحياة الطبيعية التي يعيشها المواطن تجعل منه يطلب دائما طازج حتى انه لا يتقبل فكرة المجمد او حتى المستورد لان كل شيء لديه جاهز وفي متناول الطبيعة.
ولكن يبدو ان الحضارة كما جلبت تطورها وتقدمها ايضا جلبت ويلاتها ومهالكها فحالات التسمم التي ظهرت في بعض المطاعم اصابت المواطنين بالهول والفاجعة فلا يعقل ان يصاب اكثر من 240 مواطن دفعة واحدة بالتسمم نتيجة تناولهم مادة غير صحية ولعل مسؤولية ذلك تعود على الحكومة التي تراقب مثل هذه الاماكن وتعطيها التراخيص اللازمة للعمل.
وهنا يقال ان سبب التسمم الذي يحدث لمعظم الحالات في المطاعم التي تقدم وجبات سريعة هي مادة «المايونيز» والتي يتم اعدادها بشكل يدوي حتى يتم تقليل التكاليف ومضاعفة الارباح لان شراء مثل هذه المادة يكون مكلفا لاصحاب المطاعم ويقلل من دخلهم.
وهنا يجب على الحكومة ان تفطن لهذه النقطة فاذا كان فعلا السبب هي مادة «المايونيز» وصناعتها اليدوية هي من تحدث هذه الحالات من التسمم فلماذا لا يكون هناك قانون يفرض على اصحاب المطاعم بان يتم شراء هذه المادة مغلفة وحسب الاصول المتبعة في انحاء العالم فمصلحة المواطن وسمعته اهم من ان يكسب تاجرا مزيدا من الارباح على حساب المواطن الفقير الذي يلجأ للمطعم مضطرا في بعض الاحيان نتيجة ظروف الحياة الصعبة وتعقيداتها والتي اجبرت المرأة على البحث عن رزقها لتعاون زوجها بدل من الجلوس في البيت واعداد وجبة طازجة لزوجها واولادها.
كما ان الظاهرة الاخرى والتي لم يكن يعرفها الاردنيون عندما يشاهدون الافلام العربية وكانوا حينها يستغربون ولا يصدقون ان هذا يحدث في العالم وهي ظهور مواد تموينية منتهي صلاحيتها ولا تصلح للاستهلاك البشري كما كان قبل ايام عندما كشفت دائرة مراقبة الغذاء والدواء عن كمية كبيرة من الاسماك غير صالحة للاكل وبها نوعا من الطفيليات والدود.
المواطن الاردني اصبح لا يستغرب اشياء كثيرة كان يسمح بها ويعتقد انها لن تصل الى مجتمعه المحاط بالعادات والتقاليد والتعاليم الاسلامية التي تحرم مثل هذا العمل وتعتبره من الكبائر.
ما يعانيه المواطن الاردني ان حالة الفقر التي تسود معظم قطاعات الشعب غلب عليها طابع الحياة العصرية فمن ناحية هو يريد ان يجاري العالم في كل شيء من تقدم وحضارة وامتلاك مقومات الحياة الرغيدة والسهلة.
ومن ناحية ثانية فان الظروف الاقتصادية التي يعانيها من قلة في المال والاشغال تجعله يبحث عن اي شيء يسكت لديه «غول الجوع» متجاوزا الجسد ليبحث في امور «برستيجية» تحسن من مظهره امام الناس.
وهذا بطبيعة الحال يجعل التجار الجشعين يستغلوا الوضع ويضعوا الاسعار التي يريدونها متحكمين في قوت المواطن الغلبان محققين ارباحا خيالية لان ما يقوم به هؤلاء المستغلين انهم يشترون نفايات العالم محولينها الينا ويضعو اسعارا تفضيلية تجعل المواطن يحس انه استطاع ان يأكل ما يشاهده ولو كان نفاية لا تصلح للاستهلاك البشري.
على الحكومة ان يكون لديها جهازا قويا في هذا المجال وان تراعي المواصفات والمقاييس العالمية حتى لا صبح الاردن مرتعا سهلا لاصحاب النفوس المريضة الذين لا يهمهم سوى تحقيق الملايين ولو علي حساب صحتنا وبيئتنا.
ajrashe@yahoo.com