في القمة العربية في الدوحة ، كواليس لا يعرفها احد ، وفي تفاصيل الجلسة المغلقة ، ما تسرب ، ولم يتم نشره ، باعتباره كان في جلسة مغلقة.
ممثل مصر في الاجتماع المسائي المغلق لوزراء لاخارجية العرب ، اصر ثلاث مرات على ان يضاف بند حول الاعلام العربي ، وذلك في مشروع بيان قمة الدوحة لتعزيز المصالحة العربية ، وان تتم الاشارة الى ضرورة ان لا يمارس الاعلام أي دور تخريبي للعلاقات العربية ، ووزير خارجيتنا ايد ذات الفكرة ، وكان واضحا ان الالماحات الاردنية والمصرية على "الجزيرة" لا تغيب عن جلسة مغلقة ، فيأتي رد رئيس الجلسة أي رئيس وزراء قطر بقوله مازحا.. أليس الاعلام تنفيسا في بعض الاحيان. ثم يقول "الاعلام اليومي حكومي وخاص ، وهناك اعلام خاص لكنه يتلقى الدعم من تحت الطاولة" ولا يقر المطالبة المصرية والاردنية ، بل يرد على ممثل مصر بقوله "ان تصفية النفوس اولا تنعكس على الاعلام" وبهذا الرد يرد على التحرش بقناة الجزيرة التي لم تذكر بالاسم ، لكنها كانت هي المستهدفة بسبب برامجها تجاه مصر والاردن.
من اسرار القمة ايضا ، مشروع القرار الذي تم حذفه في اللحظات الاخيرة ، حول ترحيل الفلسطينيين العالقين على الحدود العراقية الى السودان ، وهو قرار اعتمد في قمة دمشق ، ووافق عليه السودانيون ، لكنهم اليوم طلبوا سحبه ، والقرار الذي بحوزتي يقول ان السودان موافقة بتنسيق مع مفوضية اللاجئين على ترحيل هؤلاء ، وخضع القرار لتأويلات عديدة تتحدث عن صفقة لترحيل كل فلسطيني العراق الى السودان ، وحين نسأل وزير خارجية لبنان يقول ان القرار لم يبحث لا نصا ولا ورقا ولا شفاهة ، في الاجتماع المغلق ، وهو صادق ، لان القرار ببساطة تم سحبه في اللحظات الاخيرة.
ايضا ، خلال الجلسة المغلقة يدور خلاف حول طلب سوري سابق لوضع اليات لحل الخلافات العربية ، فيحتج وزير الخارجية السوري خلال الجلسة المغلقة على صياغة البند دون تحديد اليات حل الخلافات ، ويقول اننا لم نطلب الصياغة بهذا الشكل ، ويجب تحديد الاليات ، فلا يتم تمرير طلبه وتبقى الفقرة ، كما هي.
الاشاعات في القمة غريبة عجيبة ، اذ ان امين عام جامعة الدول العربية يخرج من الجلس للذهاب الى "التواليت" ويكون مسرعا ومتجهما ، فتسمع عشرات الاتصالات من الصحفيين مع مؤسساتهم تقول ان خلافا نشب بين الامين العام ووزير خارجية الامارات ، وتكتشف ان الاستنتاج والمعلومة خاطئة ، وان الامين العام عاد مشعلا سيجاره الكوبي الفاخر الى القمة ، وكأن شيئا لم يحدث ، وتقرأ في وجوه الصحفيين خيبة أمل جراء تسرعهم بأبلاغ مؤسساتهم عن معلومة خاطئة ، تم تركيبها ، بناء على هرولة الامين العام الى "التواليت".
من اسرار القمة الحديث عن مشاركة البشير في القمة العربية ، ويجلس وزيرا خارجية لدولتين عربيتين ليتحدثان حول المدة الزمنية الواجب ان يقطعها البشير فوق البحر الاحمر ، فيكتشفان ان البشير تحتاج طائرته الى سبع دقائق ، لعبور الاجواء فوق البحر الاحمر لدخول الاجواء السعودية فالقطرية ، ويتم التساؤل هل ستكون هذه الدقائق السبعة حافلة بالخطر ، على الرئيس البشير.
ايضا ، يقدم الجانب الصومالي مذكرة سرية ، لم تعد سرية ، الى الجلسة المغلقة ، احتفظ بنسخة منها ، تطلب من العرب ثمانية ملايين دولار كل ستة اشهر لدفع رواتب مكتب رئيس الصومال ومكتب رئيس الوزراء واعضاء البرلمان ، ولتجنيد ثلاثة وعشرين الف عنصر امن ، واعلى النفقات المطلوبة مايتعلق بمكتب رئيس الصومال اذ يطلب ستمائة الف دولار لنفقاته شهريا.
سر اخر يتعلق بخلاف عربي حول مبادرة السلام العربية ، فمحور الممانعة العربية يريد ان يتم سحب المبادرة او عدم التطرق لها ، ومحور الاعتدال يريد بقاء المبادرة ، وما بينهما محور لغوي اصر على ان تبقى المبادرة لكن مع ربطها بجملة "لن تبقى طويلا" أي بمعنى التلويح بوجود سقف زمني قد يستجد فجأة ، وحين تسمع المساجلات الكلامية في الجلسة المغلقة ، تعرف ان العالم العربي لايلام في عدم ثقته بأي قمة عربية.
حضرت عدة قمم ، وكلها تتشابه ، في كون الانسان العربي هو الغائب الوحيد عن هذه القمم ، من الاربعينات من القرن الماضي حتى يومنا هذا.
m.tair@addustour.com.jo