لم نفرح في طفولتنا بفتح»صفط» جديد جاءنا على سبيل الهدية ، «برازق» ،»معمول»،»بقلاوة»، «غريّبة» ،حلاوة،حتى «العجوة»، كان يُتحفّظ عليها بطريقة احترازية أمنية وتودع في «النملية» والحجّة الدائمة خليه لبعدين: «هسع بتوكلوه كلّه مرة وحدة»..
نحوم حول النملية كما تحوم الوحوش في البرية نتضور «جوعاً للحلو»، نشمّ الخشب نبوس القفل نلحس يدي النملية ، نتفرّج من ثقوب الخشب على «الباكيتات» المغلّفة بطريقة مغرية ومرتبة فوق بعضها بعضاً..كل هذا التضوّر و»التمسكن» لم يكن يغير من القرار بشيء..النملية مغلقة و»الأصفاط مصفّطة» والوعد المنتظر..لبعدين..حتى لو انتهت مدة الصلاحية أو اخترق النمل عنوة تلك الصناديق والتهم السمسم والفستق ونخر البرازق ونحن «نحوس» حول تلك النملية لا نجرؤ على فتحها ولا نرفع صوتنا بضرورة تقسيم الأرزاق..
المشكلة كلما حضر «صفط» جديد بعيدٍ او مناسبة عائلية وضع الى جانب الثروات السابقة ،الرصيد الاحتياطي يتضخّم والجوع يزداد و السياسة لا تتغير،والحجةّ: «هسّع بتوكوله مرة وحدة»..قمّة القهر عندما تحضر جارة أو قريبة إلينا ويتم إهداء ابنها «أبو قرعة» احد تلك الباكيتات العامرة..حيث تفتح النملية عن طيب خاطر ويختار أثمن وأجمل وأطيب «الأصفاط» ويعطي لحمودة ابن عريفة على سبيل الهدية..فيظفر الصبي على البارد المستريح بما لا نظفر به نحن أولاد الدار رغم معرفتنا التامة بكيفية «خلع النملية»..
وزير الطاقة والثروة المعدنية قال قبل أيام أن احتياطي الأردن من الصخر الزيتي يبلغ 70مليار طن حيث نملك ثالث اكبر احتياطي في العالم من هذه المادة..طيب لماذا لا نستخرجها ونستمتع بها ما دامنا «نشحد الملح»؟؟..»طيب بكرة لا متنا شو بدنا فيها»؟.. نفس الوزير قال أن هناك دلائل مبشرة على وجود الذهب وبكميات كبيرة في وادي عربة..وليس سرّاً أن محمية ضانا هي الأغنى في النحاس ويقدّر احتياطينا منها حوالي مليون طن..والمردود بالمليارات..ناهيك عن رمل معان الغني بالسيليكا وشمسه التي تكفي الأردن بالطاقة..طيب هل نحن بلد فقير فعلاً ؟؟..ولماذا الاحتفاظ بكل هذه الثروات في «نملية» الدولة ونحن نتضوّر جوعاً..لمن تخزّنون كل هذه الثروات في باطن الأرض وباطن التكتّم و تلجؤون إلى تجويع ابن الدار..ولا «خايفين نوكله مرة وحدة»!!..بكرة بيجي أبو قرعة ابن عريفة وبيوخذهن ع البارد المستريح!!.
الرأي