هل العلة في الحكومات وحدها ؟ العلة ليست في الحكومات بل في المجتمع...فحين كان المرحوم فهد الفانك يكتب مقالا , يشخص فيه الأداء الإقتصادي للحكومة بكل حرفية..واتقان , وينشر المقال على موقع الرأي في الفيس بوك...كان يحظى مقاله بعدد محدود من التعليقات و( 27) لايك , بالمقابل حين ينشر فتى لم يصل التوجيهي...كلاما سخيفا على صفحته , عن العلاقة بين البنات..والعشاق , كان يحظى بـ (560) مشاركة , وألف تعليق وألوف (اللايكات)..والأخطر أن الإذاعات والشركات تتقاذفه وتقدمه نجما من نجوم السوشيال ميديا , وهو للان لا يعرف أن يفرق بين الهمزة فوق الألف أم أسفلها...هو بصراحة لم يستعمل الهمزة في حياته.
العلة في المجتمع...فحين يمتليء شارع الرينبو بالشباب الناهض يوم الخميس , من كل حدب وصوب , وتمتليء المطاعم ويتم استهلاك ما يقارب ( 30) ألف رأس أرجيلة..في عمان وحدها بالمقابل , لايفتح كتابا ولا تطوى صفحة..ولا يقرأ اصلا عند هذا الجيل ما مجموعه (ألف) صفحة...بالطبع الأرجيلة تنتصر وكلمات الحب اقوى من المعرفة , والسندويشات ألذ بكثير من الكلمات..هنا حتما ستكون العلة في المجتمع.
حين تفتح الإذاعات في الصباح , وتجدها موزعة بين الشكاوى حول نقص إبر الأنسولين في المراكزالصحية , وبين مذيعات يقمن بقراءة الأبراج...وتأتيهن رسائل من جيل عابث كلها تؤكد على الحب وأنهن الأفضل..حتما العلة في المجتمع؟
حين تصبح الصور في شوارعنا , مجرد إعلانات لمذيعات فاتنات وللأرز ذو الحبة الطويلة , والموبايلات التي تحتوي على كاميرات ديجتال..ولا تعلق ولو صورة لوصفي التل أو حابس ولا يكتب ولو بيت لعرار أو حبيب الزيودي...والقدس تصبح مجرد اسم لبقالة أو مجرد اسم مطبوع على تكسي..فاعرف أن العلة حتما في المجتمع.
حين تصبح مكتبة شومان مجرد مكان يردده سائق الحافلة من أجل التحميل والتنزيل , ومكتبة أمانة العاصمة..هي المجاورة لمحلات (أبو علي ) المختصة ببيع الطحل الحار ,وشارع وصفي التل صار عبئا على اللسان , وعاد اسمه (الجاردنز)...ووزارة الثقافة هي التي يشار لها بأنها خلف مطعم جبري , وشارع الجامعة الأردنية..المكان الأجمل لشرب (الكوكتيل)...فاعرف أن العلة في المجتمع.
فهد الفانك , وهو في العشرين أصبح عضوا في القيادة القطرية لحزب البعث , وفصل (5) مرات من الوظيفة..وسجن وطرد ولكنه ظل مصرا على المعرفة..وأن يكون متنورا وحرا في الرأي... ويغادر الحياة , وهو يدرك أن ما جناه من العمل في اخر (5) أعوام لا يقارن بما جناه نجم السوشيال ميديا الأمي الذي للان لم يكتشف أن اللغة العربية تحتوي على الهمزة في شهر واحد...
يبدو أننا أصبحنا عبئا على هذا الجيل , الذي قرر أن يحترف الجهل...فعلا العلة ليست في الحكومات بل فينا نحن.
الرأي