المنطق يؤيد ما قاله الرئيس الرفاعي ..
مالك نصراوين
30-03-2009 05:57 AM
المقابلة التلفزيونية التي اجرتها قناة الجزيرة الفضائية مع السيد زيد الرفاعي ، رئيس الوزراء الاسبق ، للرد على ما طرحه هيكل عبر نفس المحطة ، من افتراءات مستهلكة وفاقدة الصلاحية ضد الاردن وقيادته ، تضمنت معلومات مهمة عن تلك الحقبة ، ولعل اهم تلك المعلومات التي استوقفتني كثيرا للتأمل ، هي نية اسرائيل باحتلال القدس والضفة الغربية ، حتى لو لم يشارك الاردن في حرب حزيران ، وهذه النية كانت مبيته ، كما قال الرئيس الرفاعي ، اثناء العدوان على بلدة السموع في محافظة الخليل عام 1966 ، وهي المعركة التي سقط فيها خمسون شهيدا من الجيش العربي ، مما يدل على ضراوة المعركة ، واستبسال الجيش العربي الاردني فيها ، وهذا ما ساهم في تأجيل الاحتلال .
ما زلت اذكر احتفالات الاسرائيليين بدخول القدس ، وفرحتهم بذلك الاحتلال ، ومسارعتهم الى توحيد المدينة المقدسة ، باعتبارها عاصمة اسرائيل الموحدة للابد بدلا من تل ابيب ، فكأن ذلك كان هو النصر الحقيقي لهم ، واهم من احتلال سيناء والجولان ، وقد ثبت ذلك بالنسبة لصحراء سيناء ، حيث انسحبت منها اسرائيل بعد اتفاقيات كامب ديفيد ، ويمكن ان تنسحب من الجولان لو قبلت سوريا بتوقيع اتفاق مماثل لكامب ديفيد معها .
اما القدس ، وبالرغم من اتفاقية اوسلو ، ونشوء السلطة الوطنية الفلسطينية على ارض فلسطين ، في قطاع غزة واجزاء من الضفة الغربية ، فانه رغم ذلك ورغم كل التنازلات الفلسطينية ، والرغبة الاكيدة في السلام معها ، ما زالت تصر على ان القدس عاصمتها ولن تتنازل عنها ، ولن تسمح باعادة تقسيمها مرة اخرى الى قدس عربية واخرى اسرائيلية ، كما كان الحال عليه قبل حزيران ، لذلك ساهمت في تثبيت هذا الامر على ارض الواقع ، من خلال تهويد معالم المدينة ، واحاطتها بمساحات شاسعة من الاستيطان ، لا بل وصل الامر عندها ، الى حد رفض ان يضم تراب القدس رفات قادة فلسطينيين ، ساروا معها في طريق السلام ، كما حدث مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ، الذي رفضت اسرائيل دفنه فيها .
كيف يمكن للمرء تفسير هذا الولع الاسرائيلي بالقدس ، والتمسك بها دون اي ارض اخرى ، والاصرار على بقائها عاصمة اسرائيل الموحدة ، واستمرار الحفريات فيها للبحث عن الهيكل المزعوم ، وتوحد كل قادتها ، من اقصى اليمين الى اقصى اليسار حول هذا الموقف ، كيف يمكن تفسير كل ذلك دون التفكير بوجود نية سابقة لاحتلالها ؟ بالتاكيد كانوا يسعون لتحقيق هذه الامنية ، وقد جاءتهم الفرصة في حرب حزيران ، بعد ان فشلوا في ذلك خلال معركة السموع ، وهذا ما الغى قناعة سابقة لدى الكثيرين ، الذين لاموا الاردن على دخوله حرب حزيران ، لانها ادت الى ضياع الضفة والقدس ، فقد كان هذا السعي الاسرائيلي لهذا الامر سيحدث عاجلا ام عاجلا ، ومن الطبيعي ان لا يقتصر الاحتلال على القدس فقط ، وتبقى عاصمة اسرائيل الجديدة على خط الجبهة ، بل يجب احتلال الضفة الغربية ، لابعاد الخطر عن العاصمة الجديدة .
هذه المعلومة التي قد تكون موثقة لدى من يمتلكون الوثائق ، وهي بالنسبة للكثيرين نتيجة منطقية ، وتفند احدى التهم التي كانت توجه للاردن ومليكه ، عقب هزيمة حزيران النكراء ، من ان الضفة الغربية قد سلمت لاسرائيل او بيعت لها ، والتي طالما رددها الحاقدون على الاردن وقيادته ، وهي توضح نية اسرائيل باحتلال القدس والضفة بكل ما اؤتيت من قوة ، وبالرغم من الصمود البطولي للجيش العربي في الدفاع عنها ، هذا ما يدعونا نحن في الاردن ، ان لا نخجل من التطرق لهذه التهم السخيفة ، وتفنيدها بالفم الملآن ، فلم يعد مقبولا ابدا ان نسكت على الحق ونحن اصحابه ، فهذه احدى النقاط الهامة التي طرحها الرئيس الرفاعي ، وهي اكبر رد على مثل هذه التهمة ، التي لم تكن تستند الا الى الحقد على الاردن ، ورد على هيكل ، الذي يسوق هذه الايام بضاعة كانت في حينها فاسدة ، سممت الاجواء العربية ، وصنعت الهزائم ، وها هو اليوم يعيد تسويقها ، بعد اكثر من اربعين عاما على اكتشاف فسادها .
هذه نقطة واحدة مما طرحه الرئيس الرفاعي ، وهناك الكثير من النقاط الاخرى المهمة ، تحتاج كل واحدة منها الى وقفة مماثلة .
m_nasrawin@yahoo.com