facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




الشخصية الاسلامية .. ايجابية لا تخريبية


24-04-2007 03:00 AM

إنّ المبادئ الإسلامية بمفاهيمها الأساسيّة ومناهجها التربويّة، تصنع شخصيّة متميّزة، لها سماتها، وتوجهاتها، وغاياتها الخاصّة، التي تميّزها بوضوح تام عن غيرها من الشخصيات الأخرى. وبمقارنة الشخصية الإسلامية بغيرها من الشخصيّات نستطيع أن نكتشف في هذه الشخصية الميزات التالية:الاتجاه العقلي:

تتميز الشخصية الإسلامية بأنها شخصية عقلية، أي يسيطر العقل فيها على كلّ تصرّفات الفرد، وبواعثه، ودوافعه، وعواطفه، وغرائزه، وطريقة تفكيره.. فللعقل مقام القيادة والتوجيه في الشخصية الإسلامية، إذ يظهر أثره واضحاً في مجال السلوك والعلوم والمعارف.. الخ. فسلوك المسلم لا يخضع للاندفاع الغريزي التائه، ولا للميل الأناني والهوى الشخصي الذي تضيع فيه قيم الحق والعدل، وتتلاشى أمامه قواعد الأخلاق.. بل يتمحور السلوك عنده - على امتداد أبعاده، واختلاف مظاهره - حول مركز العقل، ويتحرّك على ضوء إشارته وهدى صوته.
فقد ورد في الحديث الشريف: «لمّا خلق الله العقل استنطقه، ثمّ قال له: أقبل فأقبل، ثمّ قال له: أدبر فأدبر، ثمّ قال: وعزّتي وجلالي، ما خلقت خلقاً هو أحبّ إليّ منك، ولا أكملته إلاّ فيمن أحبّ، أما إنّي، إيّاك آمر، وإيّاك أنهى، وإيّاك أعاقب، وإيّاك أنيب».
وكما يظهر دور العقل واضحاً في مجال السلوك والمواقف الإنسانيّة، يتجلّى دوره كذلك واضحاً في مجال العلوم والمعارف، ومناهج البحث والتحصيل العلمي في حياة المسلمين.
فنظرة الإنسان المسلم إلى الأشياء، وفهمه وتفسيره لها، ليس فهماً مادّياً صرفاً، ولا تفسيراً حسيّاً متحجّراً، بل يجري هذا الفهم، والتفسير بطريقة واعية، تتجاوز حدود الحس والتجربة، وتوسّع آفاق المعرفة والثقافة.

الإيجابية

المسلم الملتزم إنسان إيجابي يعيش في حركة فكرية ونفسية وجسدية بنّاءة، بعيداً عن السلوك التخريبي الهدّام، رافضاً للتحجر والجمود، لا يرضى بالسلوك الانسحابي الذي يتهرّب من نشاطات الحياة، ويبتعد عن مواجهة الصعاب; لأنّ الإسلام يبني في الإنسان المسلم الروح الإيجابية التي تؤهله للعطاء، وتنمي فيه القدرة على الإنتاج والإبداع; بما يفتح له من آفاق التفكير والممارسة، وبما يزوده به من بناء ذاتي، ودافع حركي; ليعدّه إعداداً إنسانيّاً ناضجاً لممارسة الحياة بالطريقة التي يرسمها، ويخطط أبعادها الإسلام، لأنّ الحياة في نظر الإسلام: عمل، وبناء، وعطاء، وتنفس في الخيرات: (وَلِكُلٍّ وجهة هُوَ مُوَلِّيها فاستبقُوا الخَيْراتِ)[1].
فقد دأب الإسلام على جعل الحياة كلّها مجالاً مباحاً للإنسان يمارس فيها نشاطه، ويستثمر فيها طاقته وجهوده - عدا ما حرّم عليه من أشياء ضارّة، أو ممارسات هدّامة - فالمسلم أينما توجّه يجد المجال الرّحب، والمتسع الذي يستوعب كلّ جهوده وطاقاته ونشاطه; دون أن يجد الزواجر السلبية، أو يواجه النواهي التي تقتل قابليته وطاقاته، أو تشل وعيه وإرادته.
وبذا يبقى طاقة حيّة، وقوة بنّاءة; تساهم في تجسيد مضامين الخير، وتشارك في العطاء والعمل.
وصدق أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (كرم الله وجهه) وهو يصف هذه الشخصية بقوله: «فمن علامة أحدهم أنّك ترى له قوّة في دين، وحزماً في لين، وإيماناً في يقين، وحرصاً في علم، وعلماً في حلم، وقصداً في غنى، وخشوعاً في عبادة، وتجمّلاً في فاقة، وصبراً في شدّة، وطلباً في حلال، ونشاطاً في هدىً، وتحرّجاً عن طمع. يعمل الأعمال الصالحة وهو على وجل، يُمسي وهمّه الشكر، ويُصبح وهمّه الذكر، يبيت حذراً، ويُصبح فرحاً، حذراً لما حذر من الغفلة، وفرحاً بما أصاب من الفضل والرّحمة، إن استصعب عليه نفسه فيما تكره لم يعطها سؤلها فيما تحب، قرّة عينه فيما لا يزول، وزهده فيما لا يبقى، يمزج الحلم بالعلم، والقول بالعمل، تراه قريباً أمله، قليلاً زللـه، خاشعاً قلبه، قانعة نفسه، منزولاً أكله، سهلاً أمره، حريزاً دينـه، ميتة شهوتـه، مكظوماً غيظه. الخير منه مأمول، والشر منه مأمون. إن كان في الغافلين كُتب في الذاكرين، وإن كان في الذاكرين لم يُكتب من الغافلين.
يعفو عمّن ظلمه، ويعطي من حرمه، ويصل من قطعه، بعيداً فحشه، ليّناً قوله، غائباً منكره، حاضراً معروفه، مقبلاً خيره، مدبراً شرّه، في الزلازل وقور، وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور، لا يحيف على من يبغض، ولا يأثم فيمن يحب. يعترف بالحق قبل أن يشهد عليه، لا يضيع ما استُحفظ، ولا ينسى ما ذُكّر، ولا ينابز بالألقاب، ولا يضارّ بالجار، ولا يشمت بالمصائب، ولا يدخل في الباطل، ولا يخرج من الحق، إن صَمَتَ لم يغمّه صمته، وإن ضحك لم يعلُ صوته، وإن بُغي عليه صبر، حتى يكون الله هو الذي ينتقم له.نفسُه منه في عناء، والناس منه في راحة، أتعب نفسه لآخرته، وأراح الناس من نفسه، بُعدُه عمّن تباعد عنه زُهد ونزاهة، ودنوّه ممّن دنا منه لين ورحمة، ليس تباعد بكبر وعظمة، ولا دنوّه بمكر وخديعة».

الالتزام:

يبني الإسلام شخصية الإنسان المسلم على أساس وحدة فكرية، وسلوكية، وعاطفية، متماسكة بحيث تقوم هذه الشخصية على أساس من التنسيق والتوافق الفكري والعاطفي والسلوكي الملتزم، الذي لا يعرف التناقض ولا الشذوذ، لينسحب هذا الالتزام على كلّ مواقف الإنسان وأنماط سلوكه ونشاطـه، الفردي والاجتماعي، فالأديب المسلم، والمفكر، والفنـان، والمثقف، والعالـم.. الخ، كل واحد منهم يخضع ممارساته، ونشاطاته لقواعد الإسلام وقيمه، ويساهم في بناء الحضارة الإسلامية بتوافق وانسجام تام مع الخطّ الحضاري الإيماني العام، تماماً كما يفعل رجل المال، والاقتصاد والعامل المنتج، والساسي القائد.. الخ.
فكل واحد من هؤلاء يخضع سلوكه لمقاييس، وقيم، وموازين ثابتة لديه، بحيث تأتي كلّها وفق الخط الإسلامي الواضح، تماماً كما ينسحب هذا الالتزام على السلوك والممارسة اليومية في العبادات والأخلاق والعلاقات الفردية المتعددة.. الخ.
وهكذا فإنّ الشخصية الإسلامية الملتزمة تفرز دوماً وحدة سلوكية وفكرية وعاطفية متماسكة متكاملة، دونمـا ثغرة، أو تناقض، أو انحراف.. بحيث تتكشف هذه الجهود الفردية ضمن إطار التنظيم الاجتماعي العام لإشادة الهيكل الحضاري، وصنع صيغة التاريخ، وصورة الحياة، فالكل يعمل، ويؤدي دوره ضمن خارطة بناء اجتماعي وعقائدي متكاملة متناسقة، كما تنسق عاملات النحل جهودها لبناء خليتها وفق شكل هندسي وفني متكامل.

التوجه المستمر نحو الكمال:

للشخصية الإسلامية مثل أعلى، وقيم عليا، وقدوة رائدة في الحياة، تتمثل في تصوّر الإنسان المسلم لقيم الخيرة والكمال البشري الذي تحقق مجسداً - في القدوة الفذة - الرسول الأعظم (صلى الله عليه وسلم) والطليعة الراشدة من أصحابه وأهل بيته البررة.
قال تعالى: (لَقَد كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أسوة حَسَنَةٌ لِمنْ كانَ يَرجُو اللهَ وَاليَومَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً )[2].
بالشخصية الإسلامية تنزع دوماً إلى الوصول إلى هذا المثل الإنساني الأعلى.. وتبرمج مسيرتها، وتصحح مواقفها على ضوء هذا المقياس، وهي تجد قبل هذا المثل الإنساني الحي، فكرة الكمال الإلهي المتسامي، وتعرف صفات الخالق العظيم; المتصف بالخير والكمال المطلق; من العدل والرحمة والصدق والكرم والحلم والعلم والشفقة والسلام.. الخ، فتكون تلك الصفات محبوبة لدى الإنسان المسلم، لأنّها صفات معبوده، فهو دوماً يتجه نحوها، وينزع إلى الاتصاف بما يلائم إنسانيته من معانيها، أملاً في تحقيق مرضاة الله، وسعياً وراء الكمال الذي يوصله إلى النعيم والفردوس.

الاتزان:

ومن ميزات الشخصية الإسلامية أنّها شخصية متزنة لا يطغى على موقفها الانفعال، ولا يسيطر عليها التفكير المادي، ولا الانحراف الفكري المتأتي من سيولة العقل، وامتداده اللاّمعقول، كما لا يطغى جانب من الميول، والنوازع على بقية قوى الإنسان ودوافعه.
فالإنسان المسلم يطلب الدنيا، ويسعى للآخرة، ويستمتع بلذات الحياة، ويستعد لعالم الجزاء، ويعمل، ويفكر، وينتج; بحيث يملأ كل جوانب الحياة عطاءً ونشاطاً، وهو حينما يمارس هذا النشاط الحياتي; إنما يمارسه ضمن مفهوم روحي، وتفكير إيجابي، لا يفصّل بين الدنيا والآخرة، بل يوحّد بينهما، ويربط بين أبعادهما، كما يربط بين السبب ونتيجته.. مستلهماً تلك الروح من وحي القرآن وتوجيهه: (وابتغ فيما آتاكَ اللهُ الدّارَ الآخرةَ ولا تنسَ نصيبكَ مِنَ الدُّنيا، وأحسِن كما أحسنَ الله إليكَ ولا تَبغ الفَسادَ في الأرضِ إنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المفسدِينَ )[3].
فهو دوماً شخصية متّزنة، يشبع كل جانب، ويعطي كل شيء حقّه، لا يفرط في شيء، ولا يتعدّى الحدّ المعقول في استعمال أي شيء..
إذا أحبّ أحبَ معتدلاً، وإذا أبغض أو غضب، أو عاقب كان معتدلاً، وإذا أكل، أو شرب، أو زهد، أو أنفق، كان معتدلاً.
(وإنْ عاقَبتُم فعاقِبُوا بِمِثْل ما عُوقبتُم بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُم لَهُوَ خَيْرٌ للصّابِرينَ )[4].
(والَّذِينَ إذا أنفَقوا لَمْ يُسرِفُوا وَلَمْ يَقتَروا وَكانَ بَينَ ذَلِكَ قواماً )[5].
(يا بَني آدَمَ خُذُوا زينتكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِد وكُلُوا وَاشرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّه لا يُحِبُّ المسرِفينَ )[6].
وما أروع قول الله الجامع لكلّ أبعاد هذه الحقيقة السلوكية الهامة، وما أدق هذا القول وهو يوجه النبي العظيم (صلى الله عليه وسلم) إلى مكارم الأخلاق، ويضعه على وضوح من قانون الوجود المتوازن ليحقق بهذا الوضوح الانسجام الكامل مع الحقيقة الكونية الناطقة بعلم الله وحكمته: (فاستَقِمْ كَمَا أمرت )..
فالقرآن الكريم حينما يطالب النبي بالاستقامة -وهي الاعتدال، والالتزام الوسط بين الإفراط والتفريط -إنّما يستهدف الربط بين منطق الوجود في عموميته وبين سلوك الإنسان في الحياة (وَكُلُّ شَيء عِنْدَهُ بِمقدار )[7].
فلكلّ شيء في هذه الحياة قدر وقيمة محدّدة، ولا تنتظم مسيرة الحياة إلاّ بالتعامل معه حسب قدره وقيمته.
فالمسلم حينما يأكل ويشرب، ويتزوّج، ويحب، ويكره، ويغضب، ويعاقب ويتكلّم، ويتعب وينام، وينفق ويتعبّد، ويزهد ويستمتع بالملذات، ويتعامل مع الآخرين.. الخ، إنّما يمارس هذه الأفعال جميعاً وفق منطق الاعتدال، والاتزان الذي يسيطر على نظام الحياة، ويتحكّم بمسيرة الوجود; من غير إسراف، ولا إفراط، أو تفريط، انطلاقاً من الإيمان بأنّ الاعتدال هو منطق الوجود، وهو قانون الحياة التي انتظمت أبعادها ومسيرتها على أساسه، وإنّ الخروج على هذا القانون الكوني العام يعرض الشخصية إلى الهزيمة والاضطراب، ويقود وجود الإنسان بكامل أبعاده الجسمية والروحية، والنفسية إلى الانهيار والشذوذ.
وقد سجّل لنا الإمام علي (كرم الله وجهه) في إحدى خطبه بعض مظاهر الاتّزان في الشخصية الإسلامية في وصفه للمتقين، فقال: «فالمتقون فيها هم أهل الفضائل، منطقهم الصواب، وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع».
ثمّ قال: «ومن علامة أحدهم أنّك ترى له قوة في دين، وحزماً في لين، وإيماناً في يقين، وحرصاً في علم، وعلماً في حلم، وقصداً في غنى، وخشوعاً في عبادة، وتجملاً في فاقة، وصبراً في شدة، وطلباً في حلال، ونشاطاً في هدى، وتحرّجاً عن طمع».

الإحساس الإنساني: «يقظة الضمير والحس الوجداني»

تمتاز الشخصية الإسلامية بأنها شخصية تتمتع بحس إنساني يقظ، وضمير متفتّح، يميل دوماً إلى التعاطف والرحمة، وينفر من القسوة والشدّة.
فالمسلم الملتزم سريع الإحساس، والمشاركة الوجدانية، رقيق القلب، متفتّح العاطفة; لذلك فهو سريع التـفاعل والتـعاون في مجالات البرّ والإحسان إلى الآخرين.. يخف إلى إنقاذهم في شدائدهم، ويهب إلى مواساتهم في محنهم، ويشاطرهم في أفراحهم.. لا يقسو ولا يجفو..، مستوحياً هذه الروح من موقف القرآن الكريم..، رافضاً أن يكون من أولئك القساة الجفاة الذين لا يؤلفون، ولا يألفون أحداً، ولا ترق قلوبهم، ولا يحسون بإحساس الآخرين، ولا يشاركونهم في أفراحهم، ولا يشاطرونهم أحزانهم.. أولئك الذين ماتت العواطف الإنسانية النبيلة في نفوسهم، وأجدبت من معاني الخير حياتهم: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كالحِجارَةِ أو أشَدُّ قسوَةً، وإِنَّ مِن الحِجارَة لَما يتفجَّرُ مِنْهُ الأَنهارُ، وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الماءُ، وَإِنَّ مِنْها لَما يهبطُ مِنْ خَشيَةِ الله، وَما اللهُ بِغافِل عَمَّا تَعمَلُونَ )[8].
ويأتي اهتمام الإسلام بتربية الضمير، وتنمية الحس الوجداني كنتيجة لإيمانه بأنّ الضمير الحي، والحس الوجداني المرهف; هو الطريق إلى التفاعل، والترابط البشري السليم، وهو القاعدة النفسيّة التي تشاد عليها أسس العلاقات، والروابط الإنسانية..
وقد حثّت الأحاديث، والروايات المتعدّدة على ذلك وحببته وزينته بقدر ما كرّهت القسوة، والجفوة وغيبة الضمير.. فقد رُوي عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قوله: «يقول الله تعالى اطلبوا الفضل من الرحماء من عبادي; تعيشوا في أكنافهم، فإنِّي جعلت فيهم رحمتي، ولا تطلبوه من القاسية قلوبهم، فإنِّي جعلت فيهم سخطي».
ولعلّ من أبرز مظاهر يقظة الضمير، هو مظهر الإحساس بالذنب، والشعور بالخطيئة، ومحاسبة النفس عليها، تمهيداً لرفضها، والإنابة منها، والتوبة من العودة إليها.
وتتجلّى هذه الظاهرة بأسمى صورها في شخصية الإنسان المسلم; عندما تعيش بوعيه وإحساسه كأرقى ما تكون صور الحس، واليقظة الوجدانية.

النزوع القيادي:

يشعر الإنسان المسلم دوماً أنّ على عاتقه مسؤولية رسالية كبرى، ودوراً تاريخياً مهماً، يجب عليه أن ينهض به ويؤديه. وهذا الدور هو إصلاح البشرية، وهدايتها، وقيادتها نحو شاطئ العدل والسلام، فهو يؤمن دوماً بأنه داعية خير، ورائد إصلاح، ومتمم لمسيرة الأنبياء في تبليغ رسالة الإيمان، وإنقاذ البشرية.
لذا فهو لا يقنع من نفسه بإصلاح نفسه فقط، ولا يقر اللجوء، إلى الانكماش والعزلة والابتعاد عن أوضاع مجتمعه وعالمه، ولا يرضى بأن يكون مقوداً بغير قيادة الإيمان، ولا يعترف بتسليم قيادة البشرية لأيدي جاهلية لا تعرف معنى الإصلاح، ولا تفكر بالخير، ولا يعنيها في أي هاوية سقطت البشرية.
وهذا النزوع القيادي يربِّيه القرآن الكريم في نفس الإنسان المسلم، ويحثه عليه، كما في قوله تعالى: (وَكَذلِكَ جَعَلناكُمْ أُمَّة وَسَطَاً لِتَكُونُوا شُهَداء عَلى النّاس وَيَكُون الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً )[9].
(وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزواجنا وذرّيّاتنا قُرَّةَ أعين واجعَلنا للمتّقِينَ إماماً )[10].
فالقرآن هنا وفي الآية الأولى، خاطب المسلمين ونبيهم بأنّهم الشهداء على الناس يوم القيامة، لأنّهم هم الدعاة، وهم المبلّغون لرسالة الإيمان، وهم القادة إلى الخير، وفي الآية الثانية يسوق أهداف الإنسان المؤمن القيادية لصيغة الدعاء فيقول: (واجعلنا للمتقين إماماً )، أي اجعلنا قادة للإيمان والتقوى، والخير والصلاح.
ويظهر هذا النزوع واضحاً في الدعاء الذي يردّده المسلم بقصد التقرّب إلى الله سبحانه: «اللّهمّ إنّا نرغبُ إليك في دولة كريمة، تُعزّ بها الإسلام وأهلهُ، وتذلُّ بها النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدّعاة إلى طاعتك، والقادةِ إلى سبيلك، وترزقنا فيها كرامةَ الدُّنيا والآخرة».
طريقك إلى قوة الشخصية
أتبع الأمور التالية و ستصل إلى ما تريد في حياتك إن شاء الله...
ü الهدوء و الصحة و التفكير و حصر الفكر في شيء واحد يقود إلى قوة الشخصية.
ü لكي يسهل عملك فلا تؤجل عمل اليوم إلى الغد.
ü كن ذاتك: لا تصدق آراء الآخرين و احكم بعين الناقد.
ü عين وقتا للتفكير في هدوء و ركز انتباهك إلى شيئين: الذي تحبه وعكسه، واحكم.
ü تمرن على مراقبة تفكيرك و حول كل فكرة سلبية إلى ضدها قبل أن تهبط إلى الوعي النصفي حيث ترصف هناك، تصل إلى ما تريد. ثابر على هذا العمل أسبوعاً أو أسبوعين حتى و لو لم ينتج شيء فأنك ستفاجأ بالنتيجة.
ü العناصر التي تقرر المصير:
- إن مكاننا في الدنيا مرسوم لنا جزئيا.
- للناس رأي في تحديد مكاننا في الدنيا و لكن إلى حد ما.
- الظروف المادية تتحكم في مكاننا في الدنيا و لكن ليس كليا.
- إنك تصنع مكانك في الحياة تقريبا تماما.
ü بعض شروط النجاح:
- الصحة البدنية.
- الدافع العاطفي: و هو بذل الاهتمام ببعض ألوان النشاط التي تخلق حماسا دائما و تزيد القدرة و السعادة معا.
- العقل المدرب.
- أحدث المعلومات و النظرة التقدمية.
- الأخلاق و المزايا الاجتماعية: المقصود بالمواهب الاجتماعية هو الصوت المقبول، و سهولة الحديث، و القدرة على توجيه أي نوع من المقابلات، والتحلي بالكياسة والقدرة على التعبير عما يجول بالخاطر سواء بالكتابة أم بالكلام.
- الإرادة القوية.
- الثقافة العميقة.
ü بعض قوانين النجاح:
- فكر في النجاح فلا يلبث أن يصادفك في الطريق و لن يكون في استطاعته أن يتجنبك.
- إنك تحصد ما تبذر.
- إذا مضيت تعمل في الاتجاهات الصحيحة فلن يستطيع شيء أن يعيق طريقك.
- كل جهد تبذله سيلاقي جزائه الحسن بطريقة ما.
ü اعرف نفسك:
1- بدنياً: يجب تعيين نظاما للطعام وتنويعه و القيام بألعاب رياضية خفيفة يلائم الجسم أو القيام بما يعادلها من مشي أو أخذ حمام فاتر، كما يجب أن لا ندخل للجسم أشياء تضره كالدخان والمشروبات الروحية.
2- عقلياً: يجب أن تفكر في كل شيء قبل أن تفعله ونمي في نفسك الروح الإيجابية و اترك الغيرة و الحسد نهائيا و خذ كل شيء يزعجك عبارة عن مزاح و لا تسمع نصائح تضرك وكن ذاتك.
3- أدبياً: يجب أن تقرأ كتب متنوعة و قصص مختلفة لكي تنمي فيك الثقافة.
4- روحياً: نظف روحك تنظيفا تاما من الأشياء السلبية و حل محلها أشياء إيجابية لتنمي فيك القوة المبدعة.
5- اقتصادياً: عين مصروفك الذي تريد صرفه و خبئ الباقي لوقت الحاجة و لا تهتم كثيرا للمشاكل المالية.
ü امتاز عن غيرك:
- في البدن. - في العقل.
- في الأخلاق. - في المجتمع.
- في الخدمة العامة.
ü لكي تكون متفوقا، يجب أن يتوفر فيك ما يأتي:
- حضور البديهة.
- عزيمة أكثر مضاء و تركيز.
- ذاكرة دقيقة حاضرة.
- قوة الإقناع عند الحديث.
- عدم تزعزع ثقتك في نفسك.
- سعة المعلومات.
- شخصية مسيطرة.
ü اقتراحات:
- فيما يتعلق بالرغبات.. كون هدفك الرئيسي في الحياة، الشيء الذي ترغب في أن تفعله أكثر من غيره لأن ذلك أمر جوهري للغاية.
- بعد ذلك ركز إحساساتك في هذا الهدف حتى تستطيع أن تنمي نيران الحماس.
- ابدأ فورا بالتخلص من الإحساسات و الدوافع غير المرغوب فيها ومن بين هذه المشاعر الحسد و الغيرة مثلا و هما أحساسان متماسكان.
- الغ المخاوف و عندما تفعل ذلك ستشعر بإحساس مدهش من الحرية.
- ليكن موقفك صحيحا نحو إحساساتك و اهتم بالطريقة التي يفكر بها الناس و يعيشون ويشترون و يبيعون و بالاختصار كن أستاذاً بالطبيعة البشرية.
- و أخيراً كن ذاتك و كشخص منفصل فأن تهذيبك العاطفي له قطعا احتياجات فردية لا يمكن أن يرضيها أي برنامج موضوع، ولذلك يجب عليك أن تضع خططك بعناية فإن جهداً قليلا تبذله الآن قد يكون له أبعد الأثر في حياتك مستقبلاً.
خلاصة
لاشك بأن الشخصية هي مقياس الحكم على صاحبها فإذا أحسن كل شخص صياغة شخصيته الإسلامية القوية فهذا سيعود حتماً بالخير على المجتمع الإسلامي الذي ينقصه في أيامنا هذه شخصيات قدوة لكي يأخذها الشباب مشاعل يهتدون بها في طريقهم المليء بالعثرات من شهوات ومصاعب تحتم على الشباب صناعة إرادتهم لتجاوز العثرات.
إن الشخصية الإسلامية المتزنة تنمي للشخص شخصية مغناطيسية تكسب القلوب بكل سهولة لأنه لا يمكن لأحد من البشر أن يتسلق سلالم المجد والرفعة والنجاح بدون شبكة واسعة من العلاقات الناجحة التي يستطيع أن يؤثر على الضعيف منها ويتأثر من القوي فيها.
قبل أن يبدأ أي إنسان بتنمية شخصيته عليه أن يجعل نيته خالصة لله تعالى لنشر دينه الحق، وعليه أن يتذكر دوماً أن لا فن مثل فن حسن الخلق، وعليه أن يكون صادقاً تمام الصدق في كل شيء وشأن حتى مع نفسه.
اسأل الله العلي العظيم أن يكون قد يوفقني وإياكم لما فيه الخير والصلاح.

1البقرة / 148
2 الأحزاب / 21
3 القصص / 77
4 النحل / 126
5 الفرقان / 67
6 الأعراف / 31
7 الرعد / 8
8 البقرة / 74
9 البقرة / 143
10 الفرقان / 74


»





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :