مرافعة الرفاعي على قناة الجزيرة
فهد الخيطان
30-03-2009 03:48 AM
*** الادوات المتوفرة لقياس الرأي العام تشير الى ان الاغلبية الساحقة تؤيد شهادته
ترقب الشارع الاردني ظهور رئيس مجلس الاعيان زيد الرفاعي على قناة الجزيرة مساء السبت بعد ان وافقت ادارة المحطة على منح الاردن حق الرد على الاستاذ محمد حسنين هيكل وفوضت مدير مكتبها في عمان الزميل ياسر ابو هلالة اجراء حوار مع الرفاعي وبدا الامر بمثابة تسوية مهنية لمشكلة سياسية ستخفف من هذه الانتقادات لقناة الجزيرة في الاوساط الرسمية.
مهمة الرفاعي صعبة بلا شك فقد كان عليه وهو سياسي عريق وشاهد على العصر ان يقدم مرافعة في مواجهة اعلامي ومؤرخ سياسي متمرس وخبير في لعبة الاعلام والسياسة يحظى بمصداقية في الشارع العربي وقرأ الملايين كتبه ويتابعه مثلهم على شاشة الجزيرة.
الحلقة الخاصة التي سجلها ابو هلالة مع الرفاعي صممت على نحو يمنح الضيف الوقت الاطول في حلقة لا تزيد مدتها على 50 دقيقة للرد على حلقتين كاملتين من برنامج »مع هيكل« ولهذا تعمد المحاور ان يطرح اسئلة قصيرة ومباشرة لكنها في الوقت ذاته تمس القضايا الحساسة في رواية هيكل للاحداث.
استثمر الرفاعي الوقت المتاح على افضل وجه وحرص على تقديم اجوبة مباشرة وصريحة وفي الوقت ذاته مهنية بعيدا عن التجريح الشخصي والروح الذي شهدنا بعض فصوله مؤخرا بشأن القضايا المتعلقة بالاتصالات السرية مع اسرائيل. لم يلجأ الرفاعي الى الانكار كما كان يفعل البعض من قبل وانما اقر بكل الوقائع التاريخية بهذا الخصوص والتي كان شاهدا عليها وهذا البعد اعطى لروايته مصداقية وقدم القراءة الاردنية لهذه الاتصالات وساق مبرراتها ثم توقف عند نتائجها ليخلص الى ان الملك الراحل لم يقدم اي تنازل للعدو بشهادة الاسرائيليين انفسهم وتوقف لفترة عند قصة الطائرات الاردنية ودور سلاح الطيران الاردني في حرب ,1967 في الشق الثاني من المقابلة حرص الرفاعي على شرح ملابسات العلاقات الاردنية الامريكية منذ الخمسينيات وكان مفاجئا للكثيرين في الاردن واقعة طرد السفير الامريكي من عمان عام 1970
في مفاصل اخرى من المقابلة كان بامكان الرفاعي ان يعرض المزيد من الوثائق وقد ظهرت امامه حزمة كبيرة منها لكنه استغرق وقتا اكثر في عرض الادلة التاريخية التي تشير الى ان اتصالات الحسين مع الاسرائيليين كانت بعلم مسبق من الرئيس جمال عبد الناصر.
لا تتوفر لنا وسائل لقياس موقف الرأي العام كما هو الحال في الدول الغربية التي تتصدى فيها مؤسسات متخصصة لاستطلاع اراء الناس فور انتهاء المقابلة مع شخصية مهمة.
ماهو متوفر من الردود التفاعلية على المواقع الالكترونية وموقع »عمون« على وجه الخصوص الذي نشر النص الكامل لحديث الرفاعي وحذف الاسئلة.
ومن التعليقات المنشورة على الموقع يبدو ان الاغلبية الساحقة مرتاحة تجاه اداء الرفاعي ومقتنعة برده على هيكل. رئيس تحرير »عمون« الزميل سمير الحياري قال لكاتب المقال ان الموقع تلقى اكثر من الف تعليق بعد وقت قصير على نشره على الموقع. نسبة التعليقات السلبية منها لا تزيد عن خمسة بالمئة ويرى الحياري ان المقابلة ساهمت في »تعديل المزاج وتوضيح الصورة ويمكن ان نضيف الى ذلك الردود التي تلقاها الزميل ابو هلالة على المقابلة وجاءت كلها ايجابية كما قال ساعة واحدة على قناة الجزيرة غير كافية بالتأكيد لتغيير الصورة« عند ملايين المشاهدين في العالم العربي لكنها بداية طيبة تحتاج الى خطوات كثيرة في المستقبل.
ان الحاجة لاعادة كتابة التاريخ الاردني تبدو مهمة ملحة اليوم ويمكن العمل في عدة محاور لعل اهمها محور العلاقات الاردنية الاسرائيلية وتاريخ الاتصالات السرية.
فهناك ملفات عديدة في الخزائن ينبغي فتحها من اهمها ما يقال عن بيع مساحات واسعة من الاراضي في الاردن للوكالة اليهودية ومنها ما يتعلق باتصال زعامات تاريخية بقادة يهود وغيرها الكثير بصراحة نريد ان نتصالح مع الماضي كي لا تبقى تهمة تلاحقنا.
كان الرفاعي محقا بقوله ان المغفور له الملك الحسين لا يحتاج لاحد ان يدافع عنه فكل ما كتب عنه لم يهز ثقة الاردنيين به لكننا اليوم كأردنيين نحتاج لمعرفة الحقيقة.0
fahed.khitan@alarabalyawm.net